سفينة الأمل ..بهوية عربية إسلامية !!

الثلاثاء 17 يناير, 2023

للتواصل الإنساني الفعال روافد ووسائل وآليات عصرية خاصة،ومتفردة لذا يتفنن المبدعون في ابتكار كل ما هو جديد من هذه الآليات لتحقيق الأهداف السامية والمردودات الإيجابية.

ومن خليلك خذ ما صفا ودع ما فيه الكدر..والعاقل الحكيم من اقتنص الفكرة والتجربةوطورها، وانطلق مجددا من حيث انتهى الآخرون.

وفي هذا السياق حظيت فكرة المكتبة الثقافية  الألمانية العائمة والتي رست منذ أوائل هذا الشهر، في ميناء غرب بورسعيد بإعجاب وثناء الكثيرين من أهل المحروسة،ومن أبناء البلاد التي مرت بها ،
لتفتح أبوابها للجمهور لنحو 20 يوما ،حاملة رسائل متنوعة لدنيا البشر، وتواصل رحلتها ورسالتها الثقافية الأممية حيث تبحر بعد أيام اعتبارا من 23 يناير متجهة لميناء العقبة الأردني.

والسفينة "logos hope" "لوجوس هوب"
هى واحدة من أكبر المكتبات العائمة في العالم، تعرض مجموعات كبيرة من الكتب، والموسوعات القيمة كما تقدم السفينة خلال فترة إقامتها عروضا تثقيفية وبرامج ترفيهية متنوعة ،كما تحمل على متنها مايزيد عن 50 ألف كتاب، و400 متطوع من 70 جنسية.

ومن قبيل دعم الرؤي المستقبلية المستنيرة أطرح علي وزارات الثقافة والشباب والجهات المعنية بالدول العربية الكبري وعلي رأسها أرض الكنانة والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات فكرة تدشين نسخة جديدة من هذا السفينة في ثياب حضاري عربي وبهوية إسلامية قيمية.
كما اقترح توظيفها لدعم مشروع استضافة مصر والسعودية واليونان لبطولة كأس العالم 2030 ، فاستثمار  الفعاليات الرياضية والثقافية أصبح وسيلة عصرية متطورة تضاف لوسائل القوي الناعمة لتحقيق استراتيجية التواصل الحضاري الفعال.. والنجاح المبهر لمونديال العرب في قطر والذي اختتمت فعالياته مؤخرا سيظل النموذج الأكثر فعالية وتأثيرا.

لماذا لانكرر التجربة بروح عربية اصيلة، تتضامن كافة الجهات المعنية في تدشين هذا الصرح الثقافي ،وصناعة سفينة الأمل لتجوب العالم شرقا وغربا.
 ولطبيعة أرض الكنانة الجغرافية ومكانتها التاريخية فهي مرشحة لتولي موقع الريادة والدعوة للمبادرة ورعايتها والاستفادة منها في تنشيط السياحة ودعم التعاون الدولي ومشروعات التنمية المستدامة في مختلف بقاع الوطن العربي.

وأتصور أن يكون من أهم رسائلها الدعوة لدعم السلام العالمي ونزع فتيل الحروب والنزاعات الطائفية والحدودية،ودعم الوفاق والتعايش الإيجابي،فقد أمسي العالم كتلة واحدة  متشابكة المصالح والمصائر ،ولا ريب أن التأثيرات السلبية الموجعة لتداعيات الحرب الأوكرانية خير شاهد ودليل!. 

 ومن بين مهام سفينة الأمل العربية إثراء معارف وتنمية العقول المستنيرة وخاصة من أجيال الشباب ،أيضا ترسخ أواصر التواصل الحضاري مع الدول الأخري في إطار فكرة التكامل والتعاون لا الصدام والتنازع !..

ومن بين الأهداف دعم قيمنا الأصيلة وتصحيح المفاهيم المغلوطة ونشر قيم الاعتدال والسماحة ووسطية الإسلام ودحض مزاعم التشدد وبيان حقيقة مبادئ الإسلام السمحة وتفنيد فكر بعض المارقين عن الطريق القويم ،علاوة علي دعم قضايا المرأة والشباب والأقليات.
أيضا بالإمكان استثمارها سياسيا واستراتيجيا، في دعم التكاتف العربية والالتفاف حول القضايا العربية المشتركة، وإحياء قضية القدس وفلسطين باعتبارها قضية العرب الأولي وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول مفاهيم التنوير والتجديد الفكري والتحديث الحضاري!.

هذ المهام إضافة لمهامها الثقافية المباشرة مثل عرض أمهات الكتب والمخطوطات النادرة وأصول التراث الفكري العربي التي اعتمدت عليه اوربا في تدشين نهضتها الفكرية والحضارية.
 هذا علاوة علي عرض نماذج  للأعمال الفنية والصور الفوتوغرافية التي تجسد عظمة الحضارة المصرية والعربية والإسلامية إضافة لتنظيم معارض تراثية وعقد ندوات ومؤتمرات حوارية تدعم فكرة الحوار المستنير مع الآخر،ودعم التكاتف الإنساني حول القضايا المشتركة،وعلي رأسها قضايا التغيرات المناخية وأزمات الطاقة وغيرها.

ولعل سفينة النيل الخضراء للشباب العربي 2022 بنهر النيل كانت تجربة مثمرة في هذا السياق،ومن الأفكار المبدعة التي يجب تكرارها وتطويرها.
وهي فكرة نظمتها وزارة الشباب والرياضة وجامعة الدول العربية والاتحاد العربي للشباب والبيئة خلال الفترة من 4 - 14 أكتوبر 2022، حيث استضافت 120 شابا وفتاة من 12 دول عربية.
وبدأت السفينة من أسوان فى رحلة نيلية حتى القاهرة مروراً بمعابد إدفو، وعبوراً لقناطر إسنا القديمة والجديدة، ثم الأقصر لزيارة المعابد، وقنا لزيارة معبد دندرة، ثم نجع حمادى لزيارة معبد أبيدوس وعبور قناطر نجع حمادى، وسوهاج، وأسيوط وعبور القناطر القديمة والجديدة، والمنيا وأخيراً المعادى.

 وكان الهدف من برنامج سفينة دعم أواصر الترابط وتوطيد العلاقة بين الشباب العربى ، وتعريفهم بنهر النيل وأهم المشروعات المائية وعلى رأسها السد العالى ،وعظمة الحضارة والتراث المصري في مختلف العصور القديمة من خلال زيارة أهم المعالم التاريخية والأثرية على ضفاف النيل.
كما استهدف البرنامج أيضا توعية الشباب بموضوع الساعة وهو التغيرات المناخية.

والخلاصة أن دعم الانتماء وتحفيز الطاقة الإيجابية لدي الشباب لتجاوز الأزمات وصناعة الأمل المستدام أمست ضرورة عصرية تحتمها مستجدات العصر
كما تحتمها معركة الدفاع عن الهوية ، تحصنا من آثار الهجمات التغريبية من آن لآخر التي تستهدف إخضاع العقل العربي وتهميش الفكر ،وتوظيف أقلام وأصوات ومنصات مسمومة لتنفيذ هذه المخططات الخبيثة!.

وأمسينا في انتظار مزيدا من الروافد والآليات الإبداعية لدعم التواصل الحضاري في سياق الندية والتكامل، بعيدا عن منطق الصمت ،الاستسلام، التبعية ،الخنوع وربما الركوع الحضاري، أو الصدام المدمر !