مع إعلام العصر الرقمي.. تواصل .. لا صدام !!

الخميس 1 سبتمبر, 2022

ما بين الأمس واليوم ..وفي عصر التقنيات المتسارعة واجه الإعلام الكثير والكثير من المتغيرات والتحديات محليا وإقليميا،وأمميا.

وفي زمن الإعلام البديل تضاعفت هموم "صاحبة الجلالة"مع تزايد حجم المنافسة الجامحة ،ومتطلبات التطوير والحاجة الملحة لصناعة كفاءات وكوادر وجدارات مهنية جديدة قادرة علي العطاء والإسهام في قيادة السفينة لبر الأمان، دون المساس بالضوابط المهنية الراسخة التي أخرجت لنا صحافة قوية وبناءة ،وإعلاما متوازنا ،انحاز للوطن وللمواطنين في كافة الأزمات والأحداث التاريخية، وأسهم في البناء المادي والمعنوي لملامح المجتمع المتحضر ومرتكزات الدولة المدنية الحديثة. 

وقد تواكب مع هذه الإشكالية ظهور مشكلات مهنية تتعلق بالفجوة بين الجيل  الذهبي،بما صنعوه من أمجاد مهنية ،وبين حملة   لواء الغد حيث الصورة العصرية للإعلام الجديد.
وبين هؤلاء وهؤلاء سقط سهوا بعض الحائرين الذين فضلوا الخروج والصمت والقنوط، تجنبا للصراعات والصدامات المهنية،بمختلف مؤسسات الإعلام الرسمية وبعض مؤسسات الإعلام الخاص، وهو ما أعطي الفرصة وأتاح المناخ للمتربحين من أنصار الإعلام البديل الذين يعتمدون في المقام الأول علي فكرة السبق اللامتعقل والإثارة اللامحدودة، وصناعة التيرند علي حساب القيم والمبادئ الأخلاقية!.

واعتقد أن الخروج المبكر لأجيال الوسط كارثة مهنية بكل المقاييس ، فالوعي الكامل وإدراك حجم وطبيعة المعوقات والتحديات، هو السبيل الأمثل لتوريث القيم المهنية الاحترافية وضمان التواصل الفعال في الاتجاهين ،والانتقال المهني السلس بين أجيال الأمس واليوم. 
لقد أصبح وأمسي الإعلام المصري علي حافة منعطف خطير ويعايش أزمات حقيقية، وتتقاذفه الأمواج من كل اتجاه ، علاوة علي المتغيرات المجتمعية العديدة والرؤي المتابينه لأهل المهنة ، علاوة علي هذه المنافسة الشرسة مع قوي الإعلام البديل ، بكافة صوره وقنواته، وهذا السيل المتدفق الفياض من إعلام العصر الرقمي.

ووسط هذا الموجات الهادرة والمعوقات والضغوط الجمه ،فمايزال الإعلام  المصري الرسمي يكافح
ويجاهد بأيدي المخلصين من أبنائه للحافظ علي جودة منتجه ، وتوازن رسالته، ومصداقيته ،وعمق هدفه، وموضوعيته وحريته التي يستمد منها قوته وهيبته.

كما أسهم التحول الرقمي في صناعة المزيد من الفجوات بين الأجيال الصحفية والإعلامية،وألقي بظلاله المتابينة علي طبيعة ومضمون وشكل الرسالة الإعلامية،وفرض نمطا جديدا يجب أن يدرك ويعي أبعاده القائمون بالاتصال ، وحراس البوابات الإعلامية.

ومع بدء مرحلة جديدة من عمر الوطن في ظلال الجمهورية الجديدة الوارفة ،ومع متطلبات التحول الرقمي وصناعة التنمية المستدامة، ظهرت أصوات متعقلة تطالب بمزيد من الاهتمام ببرامج ومناهج كليات الإعلام ،وربط الخريجين باحتياجات الناس في أطر تطبيقية وعملية ، تستطيع أن تضيف جديدا للبناء الحضاري العصري.

وعلي النقيض ظهرت  بعض الأصوات من الإعلاميين أنفسهم مطالبين بالانصراف عن دراسة الإعلام والاتجاه نحو الكليات العملية ،والتي تؤهل خريجيها لسوق العمل ،بدعوي أن الإعلام أصبح سلعة خاسرة ولا مستقبل لخريجيه ودارسيه!.

وأتصور أن الرؤية الأخيرة جانبها الصواب ،فتصحيح المسار ومواجهة التحديات تتطلب التجويد والتطوير العلمي والمهني،و إصلاح الكم والكيف لا البتر،والمنع!!

والأمر الأغرب والمستهجن أن هذه الدعوات جاءت في توقيت دقيق وحرج،  نحن في حاجة ملحة لصناعة جيل مهني فائق الاحترافية والتدريب والتأهيل والإعداد!.

وغني عن البيان أن الحاجة لهذه الكفاءات والجدارات فرضتها طبيعة المتغيرات والاحتياجات المجتمعية والمنافسة المتواصلة مع إعلام بعض الجهات المغرضة،وبعض المرتزقة والذين اتخذوا من شبكات التواصل المختلفة قنوات لبث السموم والشائعات ،أو التربح علي حساب القيم الإنسانية والضوابط الاجتماعية.

و مابين هؤلاء وهؤلاء ومع اختلاف الرؤي أشتعل وطيس معركة الجدل بين المعسكرين ،وطرح البعض تساؤلات..هل تختفي أو تتلاشي تدريجيا كليات ومعاهد الإعلام في عصر التحول الرقمي الجامح، أم يتم  تطوير برامجها ومناهجها ،وإعادة تأهيل خريجيها ،للحصول علي منتج إعلامي متكامل العناصر وإخراج أجيال قادرة علي المنافسة والتسلح بالمهنية والاحترافيةوالتميز ؟!.

أتصور أن مهمة القائمين علي أمر الصحافة والإعلام أصبحت في غاية الأهمية ،فإصلاح المسار وتقويم الإعوجاج ، لابد أن يبدأ  بتدشين منظومة متوازنة لتحقيق تواصل الأجيال ، وتجاوز المرحلة الانتقالية مابين الإعلام الورقي والإعلام الرقمي ،والذي يفرض نفسه بقوة وفقا لمتطلبات الواقع واحتياجات العصر، وسرعة التواصل وتداول المعلومات.

أتصور أن تجسير الفجوات بين فكر الأجيال الإعلامية المختلفة وسبر أغوار الخلافات والتأسيس للقواسم المشتركة كحلقات متصلة ومتكاملة ، وليست متصادمة أصبح ضرورة عصرية وقومية ، لطبيعة الدور المحوري للإعلام في مجتمع التنمية والنهوض.
هذا إضافة لتفعيل أنشطة التدريب المستمر ، والجمع بين الخبرات العملية والتجارب الثرية للأجيال المهنية المتعاقبة، مع التوظيف الأمثل لحماس وإبداعات جيل الشباب.
 وتبقي الخلاصة ..تواصل وتكامل ..لا صدام وصراع من أجل غدا أفضل وإعلام أكثر فعالية وعطاء.