الغزو الفكرى وأدوات المواجهة
الغزو الفكرى والثقافى أحد وسائل الحروب التى تستخدمها الدول من أجل السيطرة على الشعوب وثرواتها ومقدراتها وذلك عن طريق هدم القيم والمبادئ والثوابت الوطنية والدينية والعرف والعقيدة الوسطية .
لذا لابد من بحث أسباب هذا الغزو الفكرى وأدوات المواجهة لهذا الغزو الهدام الذى يهدف إلى هدم المجتمعات من الداخل وتغيير العادات والتقاليد وهدم القيم والثوابت المجتمعية والتأثير فى العقيدة والدين لتصبح الشعوب بلا هوية ولا جذور ولا عقيدة وسطية إما مغالاة وإما إنحلال سلوكى وأخلاقى وتدمير عقيدة وهوية وثقافة الشعوب .
أن الغزو الفكرى أحد وسائل الحروب الحديثة سواء الجيل الرابع والخامس وذلك لإحتلال العقول البشرية قبل إحتلال الدول أى أحتلال البشر قبل الحجر . .
..لقد أستبدلت الحروب العسكرية بالغزو الفكرى كأحد أسلحة الحروب والصراع ولكن فى شكل جديد وهو هدم المجتمعات من الداخل بأيدى الشعوب .
فإذا نظرنا إلى حال الأمة العربية لوجدنا اثار هذا الغزو من تقسيم وصراع داخلى فأدى ذلك إلى تقسيم الدول وإثارة الفتن والنزاعات الداخلية واستخدمت التعريفات البراقة مثل الحرية والديمقراطية و حقوق الأقليات وحقوق المرأة وغيرها من الحقوق التى تحمل فى الظاهر معانى سامية وفى الباطن محاولات للغزو الفكرى والثقافى .
مما لاشك به أننا مع الحقوق الفكريةوالقانونية والدينية والمجتمعية لكل فئات المجتمع فى إطار الدين والعرف والأخلاق والقيم المجتمعية والقانون وهذه الحقوق تكفلها الدساتير والقوانين الوضعية، ومن قبلها الشرائع السماوية التى أرسل بها الله سبحانه وتعالى الرسل والأنبياء ووضعت منهج لحياة البشر بما فيها من عبادات ومعاملات وأقرت الحقوق ومنها حق الحرية والمساواة والعبادة والعدالة وحق المرأة والطفل وحق أصحاب الديانات الأخرى فى العبادة وممارسة حياتهم ،وكذلك حق النسب والمصاهرة والقرابة والميراث ،
فقد نظمت الأديان جميع هذه الحقوق وأقرتها مما أدى إلى تقدم ورخاء وسلام البشرية..
أما الحقوق الخارجة عن نطاق الدين والعرف والأخلاق فهى ليست حقوق إنما فوضى وهذا ما يحاول أعداء الأمة فعله ببث مفاهيم خاطئة لهدم المجتمعات وقيمها وعقيدتها الوسطية .
والسؤال ما هى الأسباب التى ساعدت فى الغزو الفكرى ؟
هناك العديد من الإسباب وهى
تراجع دور التعليم والثقافة والمعرفة .
الإعتماد على الدول المتقدمة فى العديد من المجالات الإقتصادية والعلمية والدوائية والتكنولوجية .
الإختلاف المذهبى والطائفى بين بعض فئات المجتمع والذى تم تغذيته بوسائل خارجية .
أثارة النعرات والإختلافات بين أبناء الوطن الواحد فأنقسموا فيما بينهم ومن هنا تدخلت الدول الخارجية فى الشئون الداخلية .
ضعف التنمية الإقتصادية والقانونية والتعليمية والإجتماعية والإعتماد على الغرب فى تلبية الإحتياجات الخاصة بالشعوب.
الوسائل التكنولوجية وتأثيرها الضار على حياة الشعوب وبث مفاهيم خاطئة عن الحرية والديمقراطية .
الوسائل الإعلامية التى تحمل فكرا مغلوطا وهدفها الربح المادى بعيدا عن الرسالة الإعلامية .
البعد عن الوسطية والمنهج الصحيح للدين من بعض الفئات ومحاولة إجتذابهم واستخدامهم ضد شعوبهم .
المشكلات الإقتصادية والإجتماعية والقانونية التى تعانى منها بعض الشعوب وضعف إيجاد الحلول لها مما إدى إلى تفاقمها وإستغلالها كسلاح موجه ضد الأمم .
هذه بعض الأسباب التى تساعد فى الغزو الفكرى لهدم القيم والثوابت المجتمعية.
والسؤال ما هى الأدوات المستخدمة فى الغزو الفكرى والثقافى وكيفية المواجهة ؟
ان محاولات الغزو الفكرى تستخدم فيها الأداوات الإعلامية للوصول إلى التأثير القوى على الشعوب ومن هذه الوسائل القوى الناعمة والإعلام المرئى والسينما والميديا ووسائل التواصل الإجتماعى فهذه أدوات الغزو الفكرى الحديث .
إن محاولات الغزو الثقافى تستلزم المقاومة لأسباب الغزو وتوفير الأدوات الازمة للمواجهة سواء تعليمية ودينية وإقتصادية وإعلامية ودينية وعسكرية وقانونية .
ولنبدأ بعرض هذه الأدوات وكيفية مواجهة الغزو الفكرى والثقافى .
أدوات المواجهة
المؤسسات التعليمية والثقافية
التعليم أساس بناء الأمم وتقدمها وهو السبيل لتقدم الشعوب فلا تقدم بدون علم نافع ومعرفة وثقافة متنوعة وعقيدة سليمة وهذا هو دور المؤسسات التعليمية والثقافية والمعرفية .
لذا لابد من تطوير التعليم وإستحداث وسائل حديثة تتوافق مع التطور العلمى والفكرى والتكنولوجى من أجل بناء جيل المستقبل الذى سيواجه الغزو الفكرى والثقافى ويدافع عن وطنه ودينه وعقيدته وهويته وجذوره ووطنه .
المؤسسات الدينية
أن الدين محور حياة الشعوب وهو المكون الرئيسى للإنسان والشعوب الشرقية بطبيعتها شعوب متدينة فهى أرض الحضارات ومهبط الرسالات ولذا فمحاولة التعدى على العقيدة والدين محاولات مستمرة منذ قدم التاريخ مع وجود الحملات الإستعمارية ولكن الشعوب أستطاعت الحفاظ على عقيدتها الوسطية والقيم والمبادئ والثوابت الدينية والوطنية ،ولكن المحاولات تغيرت بتغير وسائل الحروب ومنها الغزو الفكرى ..
ولذا فأن المؤسسات الدينية لها دور هام فى المواجهة وذلك بنشر الرسالات السماوية وصحيح العقيدة الوسطية والأحكام والعبادات التى أمر الله بها الإنسان ودحض كل المفاسد والأفكار المتطرفة التى تدعو الى هدم قيم المجتمع وذلك بسلاح الفكر والدين ففيه الوقاية والحماية لشباب الأمة.
المؤسسات الإقتصادية
إن الإقتصاد هو عمود الأمم وأساس الإقتصاد الصناعة الوطنية بجميع أشكالها وصورها فالشعوب القوية هى التى تعتمد على ذاتها وتحقق الإكتفاء الذاتى بأيدى شعوبها قتصبح شعوبا مستقلة لا تستطيع أى قوى ظلامية التأثير بها فهى شعوب عاملة لا وقت لديها تضيعه فيما لا يفيد فقد علمت معنى العمل فأجادت وأبدعت وإكتفت فتقدمت وأستقلت إرادتها وحافظت على ريادتها وسط الأمم..
إن العمل والإنتاج من وسائل المواجهة للغزو الفكرى والثقافى .
المؤسسات القانونية والقضائية
إن المؤسسات القانونية والقضائية لها دور كبير فى مواجهة الغزو الفكرى ومحاولة تغيب عقل ووعى الشعوب وذلك بالعديد من الوسائل ومنها
زيادة العقوبات المقررة على الجرائم اللأخلاقية والمفسدة لوعى وفكر الشعوب .
النص على نصوص قانونية مستحدثة يتم من خلالها معاقبة الفاسدين والمفسدين والمتاجرين بالرزيلة والمحرضين على الفسق والفجور.
تطبيق القانون على جميع المخالفين والمحرضين على الجرائم اللأخلاقية ففى تطبيق القانون المنع والردع .
المؤسسات الإعلامية
الإعلام له دور ريادى وتنويرى فى حياة الشعوب وهذا هو الدور الإيجابى الذى يجب أن تقوم به ولكن الإعلام يستخدم كأحد أدوات الغزو الفكرى بالتأثير السلبى والضار ومحاولة إفساد عقيدة وفكر الشعوب ونشر الرزيلة وهدم القيم والمبادئ المجتمعية والأعراف السليمة ولذا لابد من مواجهة هذا الإتجاه الهدام بالرفض الشعبى لهذه الوسائل وزيادة الوعى بما تحمله من سموم يحاولون بثها فى المجتمعات الشرقية المتدينة بطبعها وصاحبة الحضارات القديمة والتى عاش على أرضها الرسل والأنبياء وهذه المحاولات تتخذ شكل الحرية الفوضوية المخالفة للدين والعقيدة والقيم .
ولذا لابد من معاقبة هؤلاء الفاسدين بالقوانين المنظمة لعمل الوسائل الإعلامية. وجود إعلام وطنى يحمل رؤية تنويرية وثقافية وفكرية هدفه الإرتقاء بالمجتمع ومناقشة مشكلاته الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والدينية ونشر الوعى الوطنى والثقافى والدينى والفكرى .
المؤسسات العسكرية والشرطية
ان المؤسسات العسكرية والشرطية لهم دور محورى فى مواجهة الغزو الفكرى والثقافى والعسكرى عن طريق الأفرع التابعة لهم التى تحلل كل ما يحدث فى المجتمع وترصد المحاولات الخارجية والداخلية لزعزعة استقرار الأمة والدفاع عنها ومعاقبة كل من يحاول النيل من نسيج الأمة ونشر الفكر المتطرف والهدام سواء كان إرهاب مسلح أم إرهاب فكرى فكلاهما هادم للدول والشعوب .
أن المؤسسات العسكرية والشرطية لهم أبلغ الأثر فى الدفاع عن الأمة وحماية مقدراتها وثرواتها وسيادتها وإستقلال إراداتها والدفاع عنها وذلك بالإتحاد بين جميع أبناء المجتمع جيشا وحكومة ودولة ضد جميع محاولات طمس الهوية والتعدى على القيم والثوابت المجتمعية والوطنية والغزو الفكرى .
المؤسسات التكنولوجية
التكنولوجيا سلاح العصر الحديث لذا لابد من الرقابة والمتابعة وحجب المواقع اللأخلاقية التى تهدف إفساد فكر وعقيدة الشعوب وتعتبر أحدى أدوات الغزو الفكرى.
ولذا فمن أهم أدوات المواجهة الدعوة لأن تصبح لكل دولة وسائل تكنولوجيا خاصة بها وتطبيقاتها بعيدا عن الفيس وتطبيقاته المختلفة فالشبكات الوطنية حماية ووقاية وأمن قومى ورقابة حتى نتجنب التأثير الضار لوسائل الإتصال فى ذلك العالم المفتوح الذى أصبح كل شئ فيه مباح ومحاولة التأثير فى فكر وعقيدة ووعى الشعوب .
المؤسسات الإجتماعية
إن المؤسسات الإجتماعية لهادور شديد الأهمية فى مواجهة الغزو الفكرى
وأكثر ما يحاولون النيل منها هى الأسرة
سواء الرجل و المرأة والأبناء وهدم الروابط الإنسانية التى تجمع بين أطراف الأسرة الواحدة .
الرجل ومحاولة أثارة الغرائز ووضع مفاهيم مغلوطة عن العلاقات بين الرجل والمرأة بالمخالفة للدين والقيم والعرف .
المرأة المستهدفة لأنها مربية الأبناء وذلك بمحاولة تغيير فكر المرأة بمفاهيم مغلوطة عن الحرية وعدم التقيد بالدين والعقيدة والخروج على العادات والتقاليد المنضبطة ..
الأبناء نواة المجتمع وسبب تقدمه والدفاع عنه ولذا فهم الفئة الأكثر إستهدافا للغزو الفكرى وذلك لإقتلاعهم من جذورهم وهويتهم ودينهم فلا يستطيعوا الدفاع عن أوطانهم .
لذا يجب دراسة هذه المحاولات من علماء النفس والإجتماع والدين والتعريف بمعنى الحرية الخلاقة الموافقة للدين والعرف والأخلاق .
هذه بعض صور الغزو الفكرى والثقافى وأساليب وأدوات المواجهة حتى نحافظ على وطننا ضد جميع المحاولات المساس بقيمنا وثوابتنا وعقيدتنا الوسطية .
أن أهم وسائل المواجهة ضد محاولات الغزو الفكرى والثقافى هو التسلح بالسلاح الفكرى والعلمى والإقتصادى والدينى والإجتماعى والقانونى والإعلامى والوعى الوطنى فهذا هو السبيل للمواجهة والمنع والردع..
أن أهم أسلحة الدفاع هو بناء الإنسان فكريا وعلميا وخلقيا ودينيا فيصبح هو حائط الصد وحصن المواجهة ضد كل محاولات التغريب والغزو الفكرى .