انتكاسات الكرة المصرية .. وخطايا الكبار !!
تعاني الكرة المصرية من تداعيات منعطف خطير يهدد ما تحقق من إنجازات ونجاحات،فمن سييء إلي أسوا يجني أبناء المحروسة الحصاد المر للعشوائية وغياب التخطيط الاستراتيجي الاحترافي لدي مسؤولي اتحاد الجبلاية، وتجاهل روشتات الخروج من هذا النفق المظلم منذ عدة سنوات!. وقد فجر الأداء الهزيل والخروج المهين لمنتخب مصر للشباب تحت عشرين عاما علي ايدي فريق السنغال مشاعر غضب المصريين ، بمختلف بقاع أرض الكنانة، بعد أن صدموا من حال منتخب الأمل،الذي أمسي "ملطشة" للصغير والكبير!. كما نكأ الجراح التي لم تندمل بعد أن تسبب السنغاليون العام الماضي أيضا في إحباط حلم كل المصريين في الوصول لكأس العالم،كما اقتنصوا البطولة الثامنة لكأس الأمم من أيدي أبناء الفراعنة!. وقبل أن نتهم الآخرين ونبحث عن الأعذار والحجج الواهية وشماعات تبرير الأخطاء المعدة سلفا ،يجب أن نعترف بأخطائنا، دون كبر أو عنجهية ونوصف الواقع المؤلم توصيفا جيدا ،تمهيدا لتحديد الأسباب الحقيقية لهذه الانتكاسات،والتي تزامنت مع خسائر متتالية ونتائج متواضعة للفرق والأندية المصرية بالبطولات الإفريقية، وباتت مهددة بتكملة المشوار إلي الأدوار النهائية!. أتصور أن هذا المردود المؤلم ،ووفقا لكافة المؤشرات والمعطيات السلبية جاء نتيجة سوء إدار منظومة كرة القدم وغياب الحكمة والفكر الاحترافي،وعدم الاستفادة من دروس البطولاتو الفعاليات الدولية ،علاوة علي سيطرة الشللية والمجاملات ،سواء في إختيار اللاعبين ،أو في الأجهزة الفنية والإدارية!. كما أن إهمال الأندية الجماهيرية منبع المواهب وتراجعها مع إهمال قطاعات الناشئين،كان من أهم أسباب غياب اللاعبين المتميزين في كافة المراكز، أيضا غياب استراتيجية واضحة المعالم لإعداد المدربين الوطنيين في مختلف الأعمار السنية، وتطوير الأداء وفقا للإتجاهات العالمية في التدريب والإعداد النفسي والبدني، والقراءة الجيدة للفرق المنافسة،وإدارك مدي التطور في أداء الفرق الأفريقية في مختلف القطاعات العمرية. وفي تقديري أيضا أن الأزمات المتصاعدة والتي لا تتوقف بين قطبي الكرة المصرية لها آثار مباشره وغير مباشرة وألق بظلال سلبية علي فساد المنظومة المترهلة، فحين يصمت الكبار، أو يتناحرون ليلا ونهارا ،فماذا ننتظر؟!. لقد تجاوزت الشحناء مع غياب الروح الرياضة كل الخطوط الحمراء ، وفاقت كل الحدود.. جدل ومراء وتشاحن وتباغض وتراشق ليلا ونهارا عبر شبكات "الردح" الاجتماعي بلا مبرر وبلا رقيب!. ومن المؤسف أن المشهد العبثي والانفلات الاخلاقي والتفنن في شحن الجماهير وتدعيم الاحتقان ليس وليد لحظة متهورة بين عشية وضحاها ، لكنه نتاج فترات طويلة من الصمت وسوء الادارة ، ونتيجة منطقية حين تخلي الكبار عن دورهم ومهامهم القومية والتوجيهية. لقد غابت الحكمة عن منظومة كرة القدم وتواري صوت العقل في مقابل صوت الحماقة والتهور، صنعوا أزمات مصطنعة ومتتالية كان من الممكن بقليل من الكياسة والحصافة تلافيها وتجنب آثارها وتداعياتها قبل أن تتحول لظاهرة سلبية، تجني المنتخبات الوطنية ثمارها الفاسدة!. وإعلاء المصلحة الوطنية ،كنت أتصور أن يخرج رئيسا الاهلي والزمالك وبعض الرموز من كبار اللاعبين في لقاء أخوي أو مؤتمر صحفي لنزع فتيل الأزمات ووضع وحد لهذه الغوغائية المهينة!. وقد كنت أتطلع إلى أن تتخذ إدارة الناديين قرارات أخلاقية وتربوية ، انتصارا للمباديء وإعلاء لقيم الروح الرياضية والمنافسة الشريفة. وكنت أتمني أن يتخذ المجلس الأعلي للاعلام والهيئة الوطنية للصحافة موقفا تجاه القائمين علي الاعلام والصحافة الرياضية الذين ساهموا بقصد وبدون في زيادة الاحتقان والشحن والتوتر ، مع التوصية بضرورة الاهتمام بالألعاب الرياضية الأخري والألعاب الفردية وتوقيع أقسي عقوبة علي المقصرين والمرتزقة والمتاجرين بسمعة الوطن!. وبعيدا عن أسباب تراجع الكرة المصرية علي كافة المستويات،وتخفيفا من وطأة الضجر وتداعيات بعض السياسات الكروية الخاطئة،ووفقا لشواهد الواقع ، أعتقد أن هناك حلولا عملية لأزمات كرة القدم لو توافرت الإرادة الموضوعية والشفافية، ولكن أناسا في بلادي يتعمدون عرقلة كل جهود، ظنا منهم أن يحسنون صنعا وهم في الحقيقة يسكبون الزيت علي النار المستعرة خلف الرماد !. لقد وصلنا للقمة مرات عديدة ومازال الفراعنة يتربعون علي عرش أفريقيا في عدد مرات الفوز بكأس الأمم الأفريقية وعدد البطولات التي حققتها الأندية المصرية في منافسات الأندية الأبطال والكونفدرالية،ولكن تحقيق النجاح في كل الأحوال هو نصف طريق البطولة ،والأصعب الحفاظ علي الصدراة والاستمرار علي القمة. وفي كل الأحوال طريق البطولة ليس معبدا، ومفروشا بالورود، لكنه ملئ بالعقبات والمعوقات والتحديات وقد يكون التعثر والفشل دافعا للوثوب والعودة من جديد ،وربما نري الأمل قريبا في مشروع «كابيتانو مصر»، الذي ترعاه وزارة الشباب والرياضة ، كأكبر مشروع لاكتشاف المواهب الشابة فى كرة القدم، ويستهدف اختيار أفضل العناصر من الموهوبين وإعدادهم فنيا وبدنيا، وتوزيعهم على الأندية المختلفة، بهدف محاربة المحسوبية والوساطة التى تتخلل اختبارات الأندية لاختيار لاعبى فرق كرة القدم!. وإضافة للاهتمام بقواعد الناشئين هناك مقترحات يطرحها خبراء الرياضة وينبغي عدم تجاهلها مثل الاهتمام بدوري المدارس ومراكز الشباب ودعم الأندية الشعبية باعتبارها النواة الأولى للمواهب الكروية المبدعة، علاوة علي الاستفادة من التجارب الدولية الرياضية الناشئة والتي حققت بطولات وإنجازات دولية مؤخرا.. ورغم قتامة المشهد فما تزال الأماني ممكنة !!