الجفاف..نكبة أهل الرافدين الجديدة !!
وكأن أهل الرافدين علي موعد جديد من النكبات والألم،بعد سنوات من الاحتلال والصراعات السياسية والطائفية والإيديولوجية. وقد صدمني أحد البرامج التنموية مؤخرا أذاعته إحدي القنوات الفضائية العراقية،تناول مشكلة وندرة المياه وجفاف آلاف الأفدنة جراء ضعف إمدادات المياه القادمة بنهري دجلة والفرات،علاوة علي بعض الأنهار الصغيرة القادمة من إيران. وقد كشفت التقارير الميدانية مدي تأثير المشروعات الجديدة بطهران وأنقرة وحجز المياه عبر إنشاء عدد من السدود بغرض توليد الكهرباء دون الإلتفات لأضرار هذه الإجراءات التعسفية ،مثلما تصر أثيوبيا علي المضي قدما وبصورة إحادية في ملء وتخزين مياه سد النهضة،دون التوصل لاتفاق عادل حول قواعد الملء والتشغيل!. كما كشفت التقارير المصورة جفاف بحيرة ساوة بمحافظة المثني ،والتي كانت تمتد لمساحة أكثر 6 آلاف كيلومتر مربع،مع ندرة المياه المغذية،واضطرار أهل العراق بمناطق عديدة من الإستنزاف الجائر للمياه الجوفية والموارد المائية ، بحفر الآبار والاعتماد علي القنوات المفتوحه دون إستخدام تقنيات الري الحديثة. وجاء المردود السلبي سريعا ،حيث أوشك خزان المياه الجوفية الذي تكون من ملايين السنين،علي النفاد بعد استمرار استنزافه في العشرين عاما الماضية!. مشاهد التصحر،وتفشي القفر والجدب ،وموت الأشجار المثمرة ونفوق آلاف القطعان من الثروة الحيوانية وانحسار المياه العذبة أدمي القلوب،وتداعت معه عشرات الآلاف من التساؤلات حول مدي تورط قوي إقليمية في تنفيذ مخططات الفوضى والتدمير،والخراب مثلما حدث في سوريا وليبيا واليمن ولبنان!. ومما يدعونا للأسي والحيرة أن بعضا من هذه الدول تنتمي لدين الاسلام ..دين الترفق والسماحة والرحمة لكنها تسهم بجهالة،أو عن قصد في تعميق جراح دول العرب،وإضافة المزيد من النكبات والمصائب والأزمات!. الملايين من أهل ومواطني معظم المحافظات العراقية المنكوبة يضربون أخماسا في أسداس مع تزايد تأثيرات أزمة الجفاف يوما بعد يوم، بعد أن اضطروا لهجر مزراعهم والرحيل ،في انتظار غيث السماء أو استمطار الإنسانية الجريحة في دنيا المصالح والنفعية! ومما ألقي بالمزيد من القتامة علي هذا المشهد اللانساني توارد تقارير تؤكد أن العراق من أكثر دول الشرق الأوسط تأثرا بالتداعيات السلبية للتغيرات المناخية، إضافة لتحذيرات علماء وخبراء الجيولوجيا خلال السنوات الماضية من خطورة إنشاء سدود أو مشروعات مائية عملاقة بالقرب من الحزام الزلازلي الأعظم ، ولا حياة لمن تنادي! ولكن يبدو أن الأيام ستقضي حتما مابين أهلها فقد أجبرت الأحداث الأخيرة ومأساة زلازل 6 فبراير المدمر، الحكومة التركية إلى تفريغ جزء كبير من مخزون مياه السدود ،وبخاصة خزان أتاتورك أكبر السدود التركية،وذلك خشية من استمرار توابع الزلازل والهزات الأرضية المتوقعة!. وأعتقد أن المشهد سيكون أكثر إيلاما علي أهل العراق وسوريا،فقد أسهمت السدود التركية فى زيادة خطر الزلازل ومعاناة أهل البلدين مع الجفاف بسبب حجز المياه عنهم بطريقة تشبه طريقة إثيوبيا،التي تصر علي تنفيذها ، والآن هناك مخاطر لحدوث فيضانات عارمة من جراء الإضطرار لتصريف المياه، وربما خطر الطوفان فى حالة إنهيار أى من السدود التركية لا قدر الله. وما يحدث فى تركيا قد يتكرر فى إثيوبيا، مع استمرار سياسات التعنت واستمراء الصلف والكبر والاستعلاء ورفض الإنضواء في مشروعات تنموية مشتركة تحقق النفع لجميع الأطراف. وتبقي دروس الدهر ورسائله وعبره، وضرورة الوعي بما أفسدته عقول وتدابير بني البشر من إخلال بالنظام البيئي الكوني البديع.. ولا عزاء للإنسان في عالم اليوم!.