مأساة سوريا.. تحت أنقاض الإنسانية!!
من جديد عادت للمشهد وقفزت إلي الأذهان القضية السورية بكل مآسيها،وأوجاعها بعد هذا الزلزال المدمر الذي ضربها وخلف آلاف الضحايا الأبرياء من المصايين والمتوفين ،نحسبهم شهداء عند خالقهم في جنات الفردوس الأعلى ،فقد كان قدرهم أن يودعوا الدنيا إلي رحمة الله وعفوه،قبل أن يلقوا حتفهم كمدا وحزنا لضياع وطن عريق كان يوما لهم الملاذ والمأوي وحصن الأمان!
لقد كشفت الكارثة عن عمق المأساة الإنسانية السورية،وسقوط شعارات حقوق الإنسان ، وعن فداحة جرم من تسببوا بضياعها وتشريد أهلها !.
كما كشفت عن ضعف البنية التحتية والخدمات الصحية وانهيار مؤسسات الدولة التي أهملت عن قصد ،أو أنهكت بعد سنوات طويلة من الحروب والانقسامات ومرارة حصاد ثورات الخريف العربي، والذي ضرب سوريا ليخلف العار والشنار، وأسوء الذكريات والأزمات !.
لقد كشفت المأساة عن آلاف من قصص الصمود والكفاح والصبر والجلد في ملحمة التغريبة السورية الحزينة،والتي ما تزال تتطلع لبصيص من الأمل بعد أن حاك المنتفعون سطورا مفعمة بالألم ضمن الفصول الهزلية للعبة الأمم!!
ورغم أن الزلازل هي حوداث طبيعية لا دخل لبني البشر فيها بصورة مباشرة لكنها تحمل من الإشارات الكونية والرسائل لأبناء المعمورة ،لعلهم يستفيقون من غفوتهم وغيهم ، ومما تحمله الصراعات السياسية والطائفية والمذهبية من خراب ودمار !.
مشاهد خروج المصابين وجثث القتلي أدمي القلوب وأعيا العقول الشاردة ..
إنها رسائل مؤلمة للمجتمع الدولي الذي يري الحقيقة بصور وأوجه عديدة، وأحيانا بعيون وقحة!.
إنها إشارات ورسائل للإنسانية الجريحة التي ضاعت تحت أنقاض الفوضي الخلاقة والمصالح الاستراتيجية الواهمة ،ولاعزاء لمن أراد أن يتنفس هواء الحياه الكريمة في دنيا النفعيةوالمعايير المزدوجة !.
ومع تراكم الهموم تتعالي مطالبات الرحماء من بني المعمورة ،مع تطلعات أبناء سوريا المشردين في مختلف دول العالم لإيجاد تسوية سياسية واجتماعية للأزمة السورية ،وعودتها لأحضان الجامعة العربية بيت كل العرب،ورفع العقوبات الدولية الظالمة ،بعد أن تحولت مأساة الزلازل
لمقتلة للسوريين تحت الأنقاض بطلها المجتمع الدولي بعقوباته الجائرة ،والشريك فيها بعض الصامتين العرب!.
وستظل مأساة الشعب السوري، وتدمير إحدي مراكز الحضارة الإنسانية منذ فجر التاريخ بقعة سوداء في ثياب الإنسانية الرث ،وفي جبين عالم اليوم الذي يتشدق بقيم بالحريةوالانتقال الديمقراطي ويتزين كذبا وبهتانا بقيم العدالة وحقوق الإنسان !.
كما ستبقي نموذجا حالك السواد، يجسد صراع مصالح اللئام ،وللإحتلال الأممي الجديد في نسخته العصرية القبيحة، الذي حول الثورة السورية لمحنة سوداء لا سبيل من الخلاص منها، بعد أن تقاسمتها أيدي الخبثاء
وسقطت فريسة لقوانين وأصول اللعبة السياسية القذرة!.
لقد أخطا الجميع في حق سوريا،فقد تحالفت
كتيبة الدمار وعلي رأسها الولايات المتحدة الامريكية وروسيا وإيران وتركيا وكل الفرقاء ، لزرع الشقاق والفرقة بين أبناء سوريا، وتدمير مقدراتها وأحد أهم الجيوش العربية،للظفر بنصيب من "تورتة" الشام الشهية، وحجز موضع قدم استراتيجي في مخطط إشاعة الفوضي الخلاقة،وتدشين الشرق الأوسط الجديد !.
ووسط هذه المحنة المؤلمة التي أعادت سوريا الجميلة 50 عاما للخلف، وتسببت في تشريد ما يزيد عن 8 ملايين من مواطنيها بمختلف أنحاء العالم وفي معسكرات اللاجئين ،علاوة على مقتل مئات الألاف من الأبرياء وتدمير عشرات المدن والقري والمزارع، علاوة علي الجرائم البشعة التي اقترفت في حق الأطفال والنساء،
وسط هذا الركام من المآسي ،الكوارث، والأوجاع ضاعت الدولة وضاع الوطن حتي إشعار آخر !.
أتصور أن سوريا في حاجة لخطة إنقاذ عاجلة ،ولا أدري ماذا فعل الرئيس بشار الأسد ورفاقه لعودة سوريا كما كانت،وماذا قدمت الأمم المتحدة وماذا قدم العرب للخروج من هذا النفق المظلم..حقا إن لم تستح فافعل ما شئت!.