حاتم صادق يكتب مذابح اسرائيل بدون سابق انذار

الأحد 29 يناير, 2023

فجأة وبدون سابق انذار تفجرت الاوضاع الامنية في اسرائيل والضفة الغربية..ولم تمض 36 ساعة على مقتل 10 فلسطينيين قضى تسعة منهم بمخيم جنين في واحدة من أعنف عمليات الجيش الإسرائيلي بالضفة، حتى شهدت مدينة القدس هجوماً مسلحاً ضد مستوطنين إسرائيليين يعد الأكثر عنفا منذ "الانتفاضة الثانية" بين عامي 2000 و2005 أسفر عن سقوط 8 قتلى وإصابة آخرين بعضهم جروحه خطرة.
ورغم ان الشرطة الإسرائيلية رجحت أن يكون من نفذ العملية المسلحة تصرف بمفرده ودون تخيط مسبق او من خلال عملية متكاملة الاركان تحت غطاء احدى الفصائل الفلسطينية المسلح، الا ان وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت إن المهاجم "ليس لديه بالفعل أي سوابق أمنية"، إلا أن جده قتل طعناً عام 1998 على يد أحد المستوطنين.
وجاء الهجوم في ظل وجود مدير جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز في إسرائيل، وقبيل وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة في محاولة لتخفيف التوتر.وأكد المتحدث باسم الخارجية أن هذا الهجوم لن يغير في برنامج رحلة بلينكن إلى المنطقة. ولاحقاً، قال بلينكن في بيان إن "الولايات المتحدة تدين بأشد العبارات الهجوم الإرهابي المروع". وأضاف، "نحن على اتصال وثيق مع شركائنا الإسرائيليين، ونعيد تأكيد التزامنا الراسخ بأمن إسرائيل".. وهكذا دائما كل هجوم فلسطيني يتحول الي مزيد من الدعم لاسرائيل، وكأن هذا الهجوم هو تدبير اسرائيلي لدعم موقفها مع الادارة الامريكية التي ترى في نتنياهو الشخص الذي جاء في توقيت غير مناسب لانها كانت تفضل التعامل مع حكومة اسرائيلية ائتلافية يشارك فيها حزب العملز
لذلك فان الخيارات امام الحكومة الإسرائيلية ستكون ضيقة للرد على الهجوم، في ظل رفضها اللجوء إلى احتواء الموقف، واتخاذ خطوات سياسية لتخفيف التوتر الحاد في الضفة الغربية. ومن المؤكد انها ستلجأ إلى تشديد إجراءاتها الأمنية، واتخاذ خطوات عقابية ضد عائلة منفذ الهجوم في القدس. الا ان الهجوم يضع نتنياهو في مأزق شديد، ويضيق الخناق عليه بسبب استمرار التظاهرات ضده والضغط الدولي عليه وموقف السلطة الفلسطينية منه.وبغض النظر عن طبيعة الهجوم ، الذي جاء ايضا بعد 24 ساعة على وقف السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني مع إسرائيل الذي كان يضع السلطة في صورة العاجز عن حماية شعبها، بينما تستفيد إسرائيل من فوائده. فانه يعتبر متدادا طبيعيا لحالة الانسداد السياسي والاقتصادي التي آلت اليه الامور في المناطق الفلسطينية، مضافا اليه حالة الجمود الناجمعة عن الصراع بين الفصائل الفلسطينية والسلطة في رام الله.
يدرك الرئيس الفلسطيني أن إنهاء العلاقات مع إسرائيل، أو حل السلطة الفلسطينية قد ينتهي بفراغ أمني من شأنه أن يجعل الفلسطينيين أسوأ حالاً مما هم عليه الآن. وعلى رغم صعوبة وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل الذي لطالما اعتبره عباس "مقدساً"، فإنه أوقفه مرتين آخرهما في منتصف عام 2020، واستمر خمسة أشهر رداً على إعلان إسرائيل نيتها ضم ثلث الضفة الغربية إليها. وحينها، قررت السلطة الفلسطينية استئناف علاقاتها مع إسرائيل بعد أيام على فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وإثر تلقيها رسالة إسرائيلية بالتزام تل أبيب الاتفاقات الثنائية. هكذا فان السلطة في رام الله ليست افضل حالا من السلطة في اسرائيل.
يمكن ان تكثر في تلك الاوقات الدعوات والمطالبت للمجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤولياته تجاه لجم سلوك حكومة الاحتلال وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني بالحرية والخلاص. وعلي الجانب الاخر سنجد بينات الفصائل الفلسطينية وهي تشيد بالهجوم، وتؤكد الكعادة إنه "بداية الرد على جرائم حكومة المستوطنين الفاشية، وآخرها مجزرة جنين".
صحيح ان الشعب الفلسطيني لن يقف عاجزاً امام التجاوزات الاسرائيلية، خاصة ان ما حدث في مخيم جنين لم يكن مبررا، ويعتقد الجميع انه اضر بصورة حكومة نتنياهوالتي مازالت تعاني من ازمة تشكيلاتها الوزارية المغضوب علي بعضهم قضائيا واخلاقيا.
ولكن اذا كان انفجار الأوضاع هناك هونتيجة حتمية لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، واذا كانت الحكومة الإسرائيلية هي المسؤولية عما آلت إليه الأمور، فانه انصافا للحق وللحقيقة ، فان هناك جزء لا بأس به تتحمله كل القيادات الفلسطينية سواء من هم في داخل السلطة او اولئك الذين يتربعون عن مناصبهم في الفصائل المسلحة في غزة او الضفة.. هؤلاء هم من يتحملون الجزء الاكبر من ازمة الشعب الفلسطيني، وصراعتهم الداخلية هي الداعم الاساسي لكل ما تقوم به اسرائيل ليس في فلسطين وحسب ولكن في كل منطقة الشرق الاوسط. واكثر من ذلك فأن من يبحث في اسباب تراجع الملف الفلسطيني في اولويات العمل العربي او حتي في الشارع العربي سيجد الحقيقة المغيبة، وهي الخلافات الفلسطينية الفلسطينية.