حاتم صادق يكتب بارقة امل في الازمة الليبية
كالعادة كانت مصر سباقة في الجمع بين الفرقاء الليبيين تباعاً من أجل بلورة توافقات قادرة على الإسراع بالانتخابات، إذ احتضنت القاهرة رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى الدولة خالد المشري، قبل أن تستضيف اجتماعاً بين المنفي وحفتر ثم أخيراً بين الثلاثي حفتر وصالح والمنفي.
هذا الحراك الإيجابي الذي شهدته مؤخرا الازمة الليبية، ناقش سبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة في ضوء التفاهمات الأخيرة بين مجلسي النواب والدولة في شأن قاعدتها الدستورية وإنهاء الازدواجية الراهنة بوجود حكومتين في البلاد.
أبرز نقاط التوافق بين الأطراف الثلاثة كانت في شأن ضرورة وقف التدخلات الخارجية لتسوية الأزمة وتفعيل الحوار بين الأطراف الليبية بعيداً من تلك التدخلات. ورغم نقاط التوافق التي افرزتها اللقاءات، الا ان فجوة الخلافات والتباينات كانت أعمق من أن تحسم بين عشية وضحاها، وكان اقواها علي القاعدة الدستورية الحاكمة للمسار السياسي والنقاط الخاصة بالمترشحين للانتخابات من مزدوجي الجنسية والعسكريين، لا سيما الرئاسية، لا تزال تمثل تباينات كبيرة بين الأطراف الثلاثة من دون الوصول إلى حلول في شأنها، مما دفع الأطراف الثلاثة في نهاية لقائهم الأخير إلى الاتفاق على "استمرار التشاور للتنسيق في شأن تطورات الأزمة" من دون الوصول إلى جدول زمني للمسارات السياسية والدستورية، أو تحديد أفق واضح لإجراء الانتخابات.
كانت الانتخابات قد تعثرت في ليبيا قبل سنتين من الآن إثر خلاف بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في شأن ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية إلى رئاسة البلاد، إذ رفض مجلس الدولة ذلك، فيما أيد البرلمان بشدة ترشح الجميع.
ولم يتم بعد تحقيق أي تقدم على مستوى المصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسة العسكرية ونزع سلاح الميليشيات، وهي شروط ليس فقط مهمة ولكنها ضرورية وحاسمة لتنظيم الانتخابات العامة في بلد يخضع بشكل كبير للحساسيات القبلية ولسطوة السلاح.
وما تسعى إليه مصر هو حل توافقي ليبي - ليبي مبني على رؤية ليبية وطنية لاستعادة مقدرات الشعب الليبي وبناء مؤسسات الدولة والحفاظ على الثروات الليبية. وتجتمع الرؤى من كل الفاعلين السياسيين الرئيسين في ليبيا، سواء من الشرق أو الغرب أو من الجنوب، للعمل في نطاق إقليمي يحتضن رؤية ليبية وطنية يتشارك فيها الجميع من دون تفرقة.
رؤية مصر للازمة الليبية يتمحور حول ان هذه الانتخابات المقررة هي مجرد بداية لوضع إطار للبحث عن حل سياسي للوضع الراهن والتخلص الفوري من الميليشيات المسلحة التي تهدد الوطن الليبي وتعطل مسار العملية السياسية.
صحيح ان فرص إجراء الانتخابات تبقى ضئيلة في الظرف الراهن في ظل بقاء النقطة الأهم من دون حسم، أي مسألة ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، علاوة على عدم تهيئة مناخ يمكن أن تقبل فيه جميع الأطراف بنتائج الانتخابات، الا ان الامل يظل معقودا علي حدوث أي انفراجه في المشهد الليبي يقود الجميع الي إيجاد خريطة تسويات وخلق توافق عام حول الموضوعات المتأزمة والمتداخلة في وثيقة القاعدة الدستورية.. يبقي الذهاب إلى استفتاء شعبي احد اهم الإيجابيات المطروحة شريطة تهيئة الأجواء الأمنية.