النكسة الدولارية..ومؤشرات الأمل!!

الاثنين 23 يناير, 2023

تتأرجح مشاعر المصريين مابين الخوف والتوجس والرجاء في مستقبل أكثر إشراقا ورغدا.
ويبدو في الأفق محليا وأمميا،و من آن لآخر مؤشرات إيجابية تبعث علي الأمل والتفاؤل وصدق من قال:
اعلل النفس بالآمال ارقبها.. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

ولا ريب أن ضبابية المشهد الاقتصادي صنعته الأزمات الدولية المتلاحقة وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة ،وعمق سواد الصورة المنتفعون الآثمون ،تارة بالاستغلال وسكب المزيد من الزيت علي النار المستعرة،وتارة أخري بحجب العملة الصعبة واستمراء الاستغلال والاحتكار والتجارة السوداء!.

وهناك منصات وأبواق إعلامية أخري افتقدت الصدق والموضوعية والواقعية والشفافية في توصيف الواقع ورصد الأوجاع ،وتمادت في في غيها حين تخيلت عالما مغايرا ودنيا جديدة دون إدراك واع،وحسابات دقيقة لعجلة المتغيرات ودوامة الأحداث الأممية المتلاحقة!.

 ولا يختلف اثنان علي أن استمرار الأزمة الأوكرانية وتداعياتها المرة وتعطل سلاسل الإمداد ترك أثارا مؤلمة لدي العديد من دول العالم ،وعلي المستوى المحلي جاء تحرير سعر الصرف، مع خروج ما يزيد عن 25 مليار دولار، من الاستثمارات والأموال الساخنة هربا من توقعات الخسائر وبحثا عن مزيد من الأرباح بعد رفع البنوك الأمريكية والغربية اسعار الفائدة.
هذا إضافة لظهور طبقة من الرأسماليين الجدد المتاجرين بقوت المواطنين وتجار السوق العملة وبعض رجال الأعمال معدومي الضمير والانتماء ،ممن ضاعفوا الجراحات وصنعوا أزمة الأعلاف وزيادة أسعار الأرز والدواجن وغيرها .
 
كلها عوامل عمقت جراح الأزمة الدولارية وأمست هذه المأسأة أشبه بالنكسة التي تتطلب حلولا عاجلة وجذرية ومبدعة للخروج منها لبر الأمان وتجنب المزيد من الانهيار للعملة المحلية ووقف هذا التصاعد المبالغ فيه بأسعار السلع والخدمات!.

لقد تجمعت عوامل عديدة وأطراف جمة في حياكة فصولها المؤلمة ومشاهدها القاسية ،ومن الحكمة المصارحة والمكاشفة وتلمس كل ما إيجابي وغرس الأمل في النفوس والبحث عن حلول جادة للخروج من مأزق الأزمات المتلاحق!.

وأتصور أن القراءة المتفحصة والمتعقلة لكافة الأبعاد ،وتدارك الأخطاء، وسوء التقديرات والاشتباك مع المشكلات والاعتراف بحجم الأزمات وتوصيفها بدقة،هي بداية تصحيح المسار للوقاية والتحصن من آثارها الموجعة!.

وقد أحسنت الحكومة صنعا بإعادة قراءة هذه الأزمات واتخاذ إجراءات  صارمة لرقابة الأسواق والتوسع في معارض السلع المخفضة وتوفير الخبز لغير حائزي بطاقات الخبز بسعر التكلفة، والتفكير جليا في فرض المزيد من إجراءات الحماية الاجتماعية، وتخصيص معاش للطفل وللفئات الأكثر احتياجا، وغيرها من الإجراءات. 

 كما أحسنت صنعا في الدعوات الجادة لترشيد النفقات الحكومية والمراجعة المستفيضة لجدوي معظم المشروعات بمختلف المحافظات.

وأتصور من الأهم الترشيد في السلع الواردة من الخارج وبخاصة السلع الترفيهية التي تستنزف العملة الصعبة ولو حتي حين ،باستثناء مستلزمات الإنتاح الحقيقة التي تسهم في دفع عجلة التصنيع المحلي وتوفير فرص العمل.

ووسط هذا الزخم من الأحداث والمشكلات من حق المواطنين التساؤل.. أين دور الطبقة الثرية ورجال الأعمال الذين كدسوا المليارات وحققوا أرباحا طائلة من الاستثمارات المختلفة بمختلف أرجاء أرض الكنانة، أين دورهم الوطني في دعم  مشروعات التكافل الاجتماعي،والتخفيف من وطأة هذه الأزمات والظروف الصعبة.  

ويبقي الأمل ما بقيت الحياة ،فمن رحم الأزمات دائما يولد شعاع النور ويأتي الفرج واليسر، فقد تنفس المصريون الصعداء بعد قرار البنك المركزي الروسي باعتماد الجنية المصري ضمن قائمة عملاتها الرسمية ،في محاولة لتقليل أهمية الدولار وردا على العقوبات المتصاعدة علي موسكو.
والقرار الجديد سيسمح لمصر وروسيا باستخدام الروبل والجنية في المعاملات التجارية بين البلدين وذلك بدلا عن الدولار..
 ويبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا مايزيد عن 4.7 مليار دولار ، وستستفيد مصر بالسياحة الروسية الوافدة إليها في الحصول على الروبل الروسي في التبادل التجاري،وكافة المعاملات الاقتصادية.

وهناك تطلعات أن تسير   الصين والهند علي نفس المنوال ، والدولار سيتأثر حتما، ومصيره الانهيار لو صدقت نوايا العالم في الفكاك من أسره وهيمنته حيث يؤكد خبراء الاقتصاد أن التأثير سيكون كبيرا في حالة تحول غالبية دول العالم، للتعامل بنظام سلة العملات، وعدم الاعتماد على الدولار.

 كما يؤكدون أنه في حالة اعتراف الصين بالجنية المصري كلغة للتعامل مثله مثل اليورو، الدولار، اليوان، سوف ينخفض سعر الدولار في مصر لأقل من 20 جنيها وبالتالي سيكون هناك انخفاض عالمي في سعر الدولار، حيث إن مصر هي المحرك الأساسي والرئيسي للشرق الأوسط وشمال افريقيا.

 وأتصور ضرورة التوحد العربي في هذا السياق وإدراك حجم المخاطر المستقبلية، وزيادة حجم التبادل التجاري بينها ،ومع ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،وبالعملات المحلية!.

ومن المؤشرات الإيجابية بوادر الانفراجة في القطاع السياحي بمصر المحروسة بعد سنوات من أزمة جائحة كورونا،وتوقعات بزيادة معدلات التدفقات السياحة من روسيا والصين ودول اوربا ومختلف دول العالم.

ومما أثلج الصدور دعوات بعض أبناء مصر بالخارج لرد الجميل والوفاء للوطن بإنشاء صندوق جديد لتقديم دعم دولاري كل حسب طاقته،أو التبرع بألف دولار سنويا،من شأنه توفير عدة مليارات ستسهم حتما في توفير العملة الصعبة وخفض عجز الموازنة العامة للدولة،واتقاء شرور شروط البنك الدولي !. 

ويبقي تحديد الأولويات والاهتمام بالمشروعات الإنتاجية، وتدشين مصانع جديدة وتشجيع صغار المستثمرين، ودمج الاقتصاد الرسمي مع الاقتصاد الموازي،من أهم وسائل دعم التنمية المستدامة والخروج تدريجيا من هذا النفق المظلم..ولن تبني مصر إلا بسواعد أبنائها المخلصين الأبطال!.