لماذا يكره الغربُ الدين؟!!

السبت 11 يونيو, 2022

من الحقائق المؤسفة التي لم يعد هناك مجال للشك فيها حقيقة كره الغرب للدين، ليس الدين الإسلامي فحسب، بل ربما كل ما يمت للأديان بصِلةٍ من قريبٍ أو بعيد، حتى أصبح الغربُ يعبد الانحراف ويصلي للشذوذ ويدافع عن الحرية الشهوانية وإن انحطت لدرجة الحيوان! ولا يحتاج ذو بصر وبصيرة لكبير جهدٍ ليدرك ان انحطاط الفكر الغربي بلغ من السفول حداً مرعباً يمثل خطورةً على نقاء وبقاء البشرية كلها! وقد شاهدنا الأسبوع الماضي رئيسة ديزني تؤكد في فيديو بثته وسائل الإعلام الأمريكية أنَّ هناك نيةً في الشركة لتحويل وإنتاج نحو 50% من الشخصيات الكارتونية التي تظهر في أفلام ومسلسلات الكارتون الخاصة بـ”ديزني” إلى شخصيات شاذّة جنسياً قبل نهاية العام الحالي 2022، في محاولة لدعم مجتمع الشواذ. انظروا إلى أي درجة تشوَّه فكر هؤلاء القوم فدفع بهم لزرع بذور المثلية والشذوذ حتى في نفوس النشء البريء. إنها خطة ممنهجة لطمس الفطرة السليمة والانحراف بها إلى أبعد غايات الشهوانية! 

ونعود إلى أصل القضية وهو كره الغرب للدين، ونبين لأنفسنا ولغيرنا بعض أسباب ودوافع تلك الكراهية التي لا يجد لها أيُ منصفٍ مبرراً سوى الحقد. 

بدايةً تؤكد شواهد التاريخ على صعوبة التجربة الغربية مع الدين فقد عاشت الحضارة الغربية تجربة مريرة مع الكنيسة ورجالها في العصور الوسطى كان من توابعها تكبيل رجال الدين للعلم وتجريم أي محاولة للتفكير والاستكشاف مخافة أن يعارض ذلك العلم رجال الكنيسة الذين ابتعدوا عن جوهر المسيحية ولم يعنِهم سوى وضع أيديهم على السلطة والحكام. ونتيجة لذلك كان كبت حرية التفكير الانساني في أبشع صورها فسُجِنَ المفكرون وعُذِّبَ الفلاسفة وقُتِلَ العلماء نبذاً للعلوم التي أتوا بها. 

وجديرٌ بالذكر هنا أن نشير إلى أن ذلك كان السبب الأول لظهور العلمانية كتيار مضاد لهيمنة الكنيسة لكنها لم تتجاوز وقتها حد تبجيل العلم ومنع خلطه بالدين قبل أن ينحرف بها رجالٌ جعلوا العلمانية فكراً رافضاً للدين حتى وإن كان مؤازراً للعلم مسانداً للعلماء. 

كذلك مما حدا بالغرب ليرفض الدين في العصر الحديث ما كان من سيطرة المؤسسة الدينية على المناخ العام وتشكيله وفقاً لمصالح رجال الدين الفاسدين وقتها، بالإضافة إلى سيادة التفكير الغيبي والأسطوري الخرافي الذي لم يزد الجو العام إلا قتامةً وتخبطاً. 

باختصار شديد، إن عداء الغرب الحالي للإسلام ليس مجرد امتداد للعداء التقليدي والصدام الحضاري الذي وصل إلى حد الصدام العسكري بين الإسلام والغرب منذ الحملات الصليبية حتى حروب الاستقلال، وإنما يرجع هذا العداء إلى تجربة الغرب التاريخية البائسة مع الدين، وهو ما أشار إليه علي عزت بيجوفيتش في كتابه المهم "الإسلام بين الشرق والغرب".