حقوق المرأة في الإسلام ج (٦)
لنستكمل سوياً ما بدأناه من شرح حقوق المرأة في الإسلام ووصلنا إلى:
-احترام المرأة:-
-قال الله تعالى:-
(...هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ...)
لابد أن يحترم الرجل المرأة و خاصهً الزوجة فهي المخول لها التربية والاهتمام بالأبناء وبالبيت وبه شخصياً وأنهم واحداً كلباس البعض لأنفسهم.
-قال النبي صلى الله عليه وسلم:-
(إن أعظم الذنوب عند الله رجل تزوج امرأة فلما قضى حاجته منها طلقها وذهب بمهرها).
تحذيراً لعدم ظلم النساء وعدم التزاوج بغرض الشهوة وليس بغرض الحياة معها وعدم إعطائها نفقتها ومهرها وحقها بهم.
(لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر و عشراً).
وهذا حتى لا تنقطع عن الدنيا وتعزف عن الزواج مرة أخرى وتعيش في حداد دائم لأن هذا حقها من الحياة عند موت زوجها.
وأوجب الفكر الإسلامي الرجل أن يقسم وقته بين عمله وأسرته فيتعاون مع زوجته في الأعمال المنزلية وتربية الأولاد ولا يتركها وحدها تعاني وجعلها تشارك أفكاره وحياته. فنجد الرسول كان يخصف نعله ويعلم أولاده ولا يترك العبء على زوجته وحدها رغم كل انشغالاته في الرسالة وإدارة الدولة والحروب والغزوات.
وأيضاً أخذ الرسول برأي زوجته وفعله في صلح الحديبية عندما أشارت عليه زوجته بحلق شعره ليتحلل من الحج بدون أن يحج لما حدث بالاتفاق في الصلح.
ومن حقوق المرأة واحترامها هو المصارحة بكل شيء سواء قبل الزواج أو بعده.
-فقال صلى الله عليه وسلم:-
(إذا خطب أحدهم المرأة وهو يخضب بالسواد فليعلمها إنه يخضب).
وهو أبسط حقوقها لحياة صادقة حتى لو في أبسط الأشياء كصبغ الشعر فلابد أن تعلم بها.
ومع كل حقوق المرأة أوجب عليها الطاعة في حدود الإسلام والصواب الديني كما تحدثنا عن طاعة المرأة لزوجها وإذنه قبل أعمالها فقال النبي صلى الله عليه وسلم:-
(أربع من النساء في الجنة وأربع فب النار فأما الأربع اللواتي في الجنة فامرأة عفيفة طائعة لله ولزوجها ولود صابرة قانعة باليسير مع زوجها ذات حياء إن غاب حفظت نفسها وماله وإن حضر أمسكت لسانها عنه والرابعة امرأة مات عنها زوجها ولها أولاد صغار فحبست نفسها على أولادها وربتهم وأحسنت إليهم ولم تتزوج خشية أن يضيعوا وأما الأربع اللواتي في النار من النساء فامرأة بذيئة اللسان على زوجها أي طويلة اللسان على زوجها أي طويلة فاحشة الكلام إن غاب عنها زوجها لم تصن نفسها وإن حضر آذته بلسانها والثانية امرأة تكلف زوجها ما لا يطيق والثالثة امرأة لا تستر نفسها من الرجال وتخرج من بيتها متبرجة والرابعة امرأة ليس لها هم إلا الأكل والشرب والنوم وليس لها رغبة في صلاة ولا في طاعة الله ولا طاعة رسوله ولا في طاعة زوجها فالمرأة إذا كانت بهذه الصفة وتخرج من بيتها بغير إذن زوجها كانت ملعونة من أهل النار إلا أن تتوب إلى الله).
فبهذا تتساوى الحقوق والواجبات مع المشاركة بين الرجل والمرأة في الحياة عامهً فهو مأمور بالإحسان والعطف والإقامة على طلباتها والصبر على ما يبدو منها من سوء وإعطاء حقها من النفقة والمهر والكسوة والعشرة وهي تكون مأمورة بالطاعة وحسن الخلق معه والصبر في الحياة معه فتكون الحقوق على الطرفين للآخر متساوية.
ولابد من الصبر عليها ومعاملتها بالحسنى احتراماً لها. فعندما ذهب رجل يشتكي لعمرو بن الخطاب وهو أمير المؤمنين فوقف عند بابه ينتظره فسمع امرأة عمر تستطيل عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت لا يرد عليها فأنصرف الرجل راجعاً. وقال: إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلابته وهو أمير المؤمنين فكيف حالي؟ فخرج عمر فرأه مولياً على بابه فناداه وقال: ما حاجتك يا رجل؟ فقال يا أمير المؤمنين: جئت أشكو إليك سوء خلق امرأتي واستطالتها علي فسمعت زوجتك فرجعت. فقال عمر: يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي إنها طباخة لطعامي خبازة لخبزي غسالة لثيابي مرضعة لولدي وليس ذلك كله بواجب عليها ويسكن بها قلبي عن الحرام فأنا أحتملها لذلك. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي. قال: عمر فأحتملها.
فالطاعة الواجبة والتفاهم والاحتمال ليست من جهة واحدة بل هي عملية تبادل ومشاركة بين طرفي العلاقة الزوجية وبتفاهم دون اختراق لحدود الله أو إيذاء لأي طرف. فالحياة لتستمر وتكون متكاملة لابد أن تخرج من نطاق الندية وتكون في أطار المشاركة والتعاون.
ونجد أن الفكر الإسلامي لم يسلب المرأة حق الاحتفاظ بلقب عائلتها بعد الزواج حتى لا تمحي كنيتها وشخصيتها وحياتها السابقة بل يربط بينهم لزيادة المودة والقرابة وروح الأسرة والعائلة والاحتفاظ بكنيتها يعطي لها الإحساس بعدم الخضوع للزوج.
ومن حقوق المرأة أيضاً الاجتماعية التي تزيد من احترامها وتوقيرها حق الشهادة بالمحاكم والشهادة على الزواج والعقود بما يساوي الرجل إلا بحالات الدين والمعاملات المادية تكون بشهادة امرأتان بقول الله تعالى:-
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ).
وتتساوى شهادة المرأة مع الرجل في حالات الملاعنة، وقد تكون وحدها في حالات الشهادة على عورة امرأة أخرى أو موقف ما هي الشاهدة الوحيدة فيه. ففي نصاب الشهادة ليست المرأة نصف الرجل في كل الأحوال بالشهادة فتكون وحدها في حالات كما ذكرنا مثل الأشياء الخاصة بالمرأة أو في حالات الشهادة على واقعة ما رأتها وحدها، وتكون نصف شهادة الرجل في حالات الدَين والورث حتى تذكر إحداهما الأخرى إذا نسيت لأنها معاملات مادية تحدث على فترات طويلة قد تنسى إحداهما أو الرجل نفسه، وقد تكون واحدة فقط اذا لم يتبقى غيرها.