حقوق المرأة في الإسلام ج (٥)
نتابع ما بدأناه عن حقوق المرأة في الإسلام
-معاملة المرأة وحقوقها الأسرية:-
-قال الله تعالى:-
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا )
(لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا )
-قال النبي صلى الله عليه وسلم:-
(خيركم خيركم لأهله -نسائه- وأنا خيركم لأهلي).
(اتقوا الله في الضعيفين: المرأة و...).
(اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله).
(ما أكرمهم إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).
(استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً).
فيوصي على التعامل باللين وليس بالشدة مع النساء.
(لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها شيء رضا عنها لباقي محاسنها).
ليتم التفاعل بنهم بالرضا عن ما هو حسن في أخلاقها وإصلاح ما هو سيء فيها فلا يوجد إنسان كامل.
(أطعموهن مما تأكلون وأكسوهن مما تكتسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن).
(النساء شقائق الرجال).
تأكيداً على المساواة بينهم ومراعاة المعيشة لهم بأحسن حال.
(خدمتك لزوجتك صدقة).
فلا عيب للمساعدة للزوجة وخدمتها بل هذا من حقوقها وقيام الرجل على المرأة بهذا.
(ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فأجروهن في المضاجع وأضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إلا أن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً فحقكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون إلا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن).
(أن تطعمها مما تأكل وتلبسها مما تلبس ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت فـإن استفحل الخلاف بينهما حكماً بينهما حكمان أحدهما من أهله والآخر من أهلها للإصلاح بينهما حتى لا يؤدي الشقاق بينهما إلى الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله).
فوضع بهذا الرسول أسس التعامل السوي للمرأة وحقها على الرجل وواجبها له وكيفية التعامل معها عندما تخطئ وعدم ضربها إلا بعد الهجر في الفراش ومن قبلها الوعظ بالحسنى، وبشرط بأن يكون غير مبرح وبالسواك كما قال النبي أي كشيء من العقاب، وكما أوضحنا في السابق بمعنى الفراق والبعاد. وأوضح أن النساء يعونون الرجال في الحياة وأنهن كائن مساوي له وليس أقل منه.
ووضع لنا الفكر الإسلامي طرق التعامل مع المرأة إن أخطأت بتحضير أهلها ولكن بعدم الإساءة لها حتى من أبيها. ويكون حكمان من أهل الشريكين للتحكيم وتهدئة الأمور.
-فنهى الرسول عن إيذاء أو ضرب النساء أبداً ولم يفعلها قط بل إنه في يوم كان يشتكي لأبا بكر ابنته وأخذ يحكي له ما حدث فقالت السيدة عائشة للرسول: أقصر. فقام أباها ليضربها ويقول لها: أتقولين هكذا لرسول الله. فحال النبي بينه وبينها حتى لا يضربها أباها.
-وحتى الضرب يكون كما قال الرسول بالسواك أي بلا شيء يذكر بالأساس والمقصد هنا عدم الضرب والمعاملة بالحسنى وليس بالتعذيب بعد النصح والإرشاد والوعظ والعقاب بالهجر في المضاجع والحياة كما تحدثنا بالسابق.
فقال الله تعالى:-
(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ)
وهذا في كل شيء بالحياة للين والحب بين الأزواج.
-وقول الله تعالى:-
(...وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ ...)
هو تعبير مجازي عن العقاب للمرأة والخصام والفراق لبرهه من الوقت كعقاب عله يأتي بنتيجة كما ذكرنا بالسابق. فأمر الله الرجال بأن تكون الحياة بالمعروف وأنهم شقائقهم فلن يأمر بالضرب. فالمعنى كما نقول أن الدولة ضربت على يد الفاسد فلا يقصد الضرب بمعناه اللفظي وإنما مجازياً بمعاقبته كما ذكرنا سلفاً.
-وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:-
(أضربوهن بمثل هذا السواك ولا يقبح ويعفي الوجه).
(لا تضربوا إماء الله).
(لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم).
حتى لا تعامل معاملة مهينة فلا تضرب بقوة ثم تجامع بعدها ففي هذا إهانة لإنسانيتها وكرامتها وأن معنى الضرب ليس بالتعذيب وإنما بشيء بسيط كمسواك مثلاً تدليلاً على أنه عقاب بسيط ليس إلا وكأنه لم يحدث. والضرب يأتي بعد أكثر من حل قدمه الله في الآية ولكنه يكون كالعتاب أو بفعل النبي بالمسواك أي بشيء لا يؤذي وكأنه نهر لها وبعد عنها وهو إجراء اختياري بعد محاولات الصلح من الأهل أو الهجر في الفراش فكل امرأة غير الأخرى في تقبل الحلول وهكذا كل فرد.
وقد وضحنا من قبل كيف يكون الرجل قوام على المرأة بأن يكون قائم على خدمتها وحياتها وتوفير لها الحياة الكريمة بالنفقة الكاملة وأيضاً يكون له عندها الطاعة والإذن في كل شيء طالما في حدود الإسلام.
-فقال النبي صلى الله عليه وسلم:-
(لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه).
والمقصد هنا ليس بالصيام مباشرة وإنما القصد أن كل شيء يجب أن يكون بإذن الزوج حتى الصيام. فطالما له حقوقه كاملة فلا يبغي عليها ويعاشرها بالمعروف واللين والقول الحسن.
وعن الإنفاق يؤكد المنهج الإسلامي على أن ينفق كل زوج على زوجته على مقدرته دون بخل بل بتكفيتها من كل حاجاتها دون المساس بأموالها إلا برضا منها كما بالآية الكريمة وكما وضحنا بجزئية (مال المرأة والإنفاق عليها).
وعن الحياة كان الرسول يأخذ نسائه يوم السبت للخروج للجداول ترفيهاً لهن وكان يسابق زوجته عائشة فيسبقها مرة وتسبقه مرة فيقول عندما يسبقها (هذه بتلك) مزاحاً وتقارب لزوجته برقة وحب.
وكان النبي يضع لزوجته عائشة ركبته لتصعد عليها لتركب الجمل احتراماً لها ومساعدة لها فكما هذه الأيام يفتح الزوج لزوجته باب السيارة أو باب الحجرة إجلالاً وتقديراً لها وهذه قمة الإتيكيت الحديث وأسس التعامل بكياسة مع المرأة.
حتى أنه كان يشرب من مكان شفاه السيدة عائشة في الكوب إشعاراً لها بالحب والحنان وهذا واجب كل زوج أن لا يكون جامداً مع زوجته ويشعرها بالحب والحنان.
وكان النبي يقول للسيدة عائشة: حبي لك كعقدة في حبل، لا يستطيع حلها أحد. فتضحك، وكل ما تمر عليه تسأله: كيف حال العقدة؟ فيقول: كما هي. اعترافا بالحب فلا عيب في ذلك بل هو من وسائل الترابط والمحبة.
وكان النبي يساعد في أعمال المنزل، فكان يخصف نعله ويحلب شاته. وهذا من واجبات الزوج على زوجته أن يساعدها.
-قال الله تعالى:-
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
وهذا لأن يكون التعامل مع الأسرة بالعفو والتغافل ونسيان أي مشاكل من أجل إرساء حياة زوجية قائمة على المودة والرحمة.
ووصى النبي الرجال المسافرين لمدة أن لا يباغتوا زوجاتهم بالرجوع بل يبلغوهم حتى يتزين لهم ولا يباغتوهن فيكونن غير متزينات فيسبب هذا أي بغض للزوج.
-وقال النبي صلى الله عليه وسلم:-
(إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة وتمشط الشعثة الكيس الكيس).
وهذا ليكون الرجل مهتماً بحسن المظهر أمام زوجته لتكون هي أيضاً حسنة المظهر له.
-ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لأنس:-
(يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك).
والسلام يعني البشاشة في الوجه والانفراج في التعامل مع أهل البيت لنشر الحب والسعادة في البيت وفصل المشاكل الخارجية في العمل عن البيت والمزاح مع الزوجة وعدم العبوس في وجهها.
وتروي السيدة عائشة:-
(أتيت النبي بحريرة قد طبختها له فقلت لسودة والنبي بيني وبينها كلي فأبت فقلت لتأكلن أو لألطخن وجهك فأبت فوضعت يدي في الحريرة فطليت وجهها فضحك النبي فوضع بيده لها وقال لها ألطخي وجهها فتناولت من الصحفة شيئاً فمسحت به وجهي والرسول يضحك).
وأوصى النبي بحق الأهل في الرعاية بقوله:-
(...وإن لزوجك عليك حق).
وقوله عليه السلام لعثمان بن مظعون عندما رأتها نساء الرسول في ثياب رثة وأبلغتهن أن زوجها إما الليل فقائم وإما النهار فصائم فلامه النبي وقال له: أما لك بي أسوة؟ فقال: بلى جعلني الله فداك. فجاءت بعد حسنة الهيئة طيبة الريح.