حقوق المرأة في الإسلام ج(١).
قال الله تعالى: -
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
فالمرأة هي إنسان كامل الحقوق في المجتمع لأن دورها لا يقل عن دور الرجل في بناء هذا المجتمع وإن أي اختلاف فسيولوجي في تكوين الجسم ليس إلا لإكمال نمو المجتمع والبشرية بالإنجاب ولا يكون من أجل تحديد لها دور أو عمل محدد فكل الأعمال يستطيع الجنسين التعامل فيها بلا استثناء وقد حدث في الدولة الإسلامية أن المرأة دخلت جميع المجالات حتى في مجال الدعوة والمعارك العسكرية. ونجد أن الله عز وجل خاطب الرجال والنساء ولم يفرق بينهم في الآيات وفي المساواة بينهم.
- قال الله تعالى: -
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ)
(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ)
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ).
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ).
( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )
وتعني كلمة (قَوَّامُونَ) أن الرجال تقوم على مصالح النساء ورعايتهن دون المساس بحقوقهن والإنفاق عليهن دون المساس بمالهن، والتفضيل يكون للقدرات والخبرات المختلفة والمتباينة بين الرجال والنساء وبين النساء أنفسهن والرجال أنفسهم. وبالتشارك في الحياة والشورى بينهم تسير بالعدل والمساواة والمحبة بينهم فيكونون بهذا أولياء بعضهم البعض في الحياة بقول الله تعالى.
وأكد الله تعالى على أنهم من بعض ولا يقل أحد عن الآخر فيكون قوام الرجل على المرأة بالإنفاق عليها ومساعدتها وتوفير الراحة لها واحتياجاتها وتوجيهها للصواب ومكارم الأخلاق وليس بالعلو عنها للمساواة بين الرجال والنساء.
فهكذا خاطب الله النساء في الآيات مساوياً بينهم وبين الرجال في الحقوق والواجبات، ونجد أن وقت البيعة بايعت النساء النبي والخلفاء مثلها مثل الرجل وأمرهن بتعلم الكتاب والحكمة. فخلقها الله لتكون رفيقة للرجل في حياته بسعدها ومرها، لذا هي متساوية معه في الحقوق والواجبات فتكون رفيقته وليست تابعه له بالتكامل بينهما وهذا مغزى خلق الله للمرأة من ضلع الرجل فهي قطعة منه بجانبه على طريق حياته.
-قال النبي صلى الله عليه وسلم:-
(النساء شقائق الرجال).
فالمرأة كائن حي وإنسان كامل كالرجل وليست أقل منه في شيء وهي جزء أساسي في تكوين المجتمع لا يصح بدونها وهذا الحديث تأكيداً على فكرة المساواة بينهم وتأكيداً أن لا سيادة أو علو لجنس على الآخر.
-وتقديراً للمرأة يقول النبي:-
(من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة فقال رجل من بعض القوم واثنتين يا رسول الله قال عليه السلام واثنتين).
حتى يجعل من الناس أن تسعد بالبنات ولا تحزن عند خلفتهن وتقديراً لهن.
-وقال النبي صلى الله عليه وسلم:-
(أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم).
موصياً بحسن التعامل مع المرأة وأفضل الرجال من كان خير مع زوجته.
-مال المرأة والإنفاق عليها:-
المرأة أعطاها الفكر الإسلامي كل الحقوق الاجتماعية كاملة زيادة على ما رأينا في الباب الأول والثاني بإعطائها كل الحقوق السياسية والاقتصادية فأعطى لها الحق في الحياة الاجتماعية وحق التملك والتعاقد وحقها في الميراث كالذكر دون تفرقة.
-قال الله تعالى:-
(لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا )
وسنوضح في باب القانون نصيب المرأة من الميراث ونسب إرثها وأنه يوجد حالات تورث النساء بنصيب متساوي مع الرجال مثل:-
إن كان الميراث عن طريق الكلالة أي لا ولد للمتوفي والوارث واحداً فإنه يأخذ ثلث التركة وإن كان الوارث أكثر من واحد ذكوراً أو إناثاً أو كلاهما فإنهم يورثون الثلث بالسوية لا فرق بينهم من حيث الذكورة أو الأنوثة.
-فقال الله تعالى:-
(...وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امرأة وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ ۚ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ۚ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ).
تساوي الأب والأم في الميراث من الابن المتوفي إن كان له ولد فيرث كل منهما السدس عملاً.
-بقول الله تعالى:-
(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ )
وقد يكون لها نصف الذكر في بعض الأحوال.
-بقول الله تعالى:-
(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).
-وهذا لحكمة وهي:-
إن الرجل سواء كان أخ أو زوج ملزم بأن يقوم عليها من حيث الإعانة المادية الكاملة مهما كانت ثروتها ولا يمس مالها فلذا يتوجب أن يحصل على ضعف ميراثها لينفق عليها، ولا ينال أحد من مالها إلا برضاها ورغبتها. حتى أن الواجب على الزوج توفير لها الخادمة إن كان ميسوراً.
-فقال الله تعالى:-
(لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ).
فيوفر لها ما تريده على قدر سعته المالية ولا يمس من مالها شيء إلا برضاها دون النظر إلى مالها ولا تعمل إلا بإرادتها ولا ينال من مالها أحد. بل وجعل الله الرجل قائم على المرأة بتقديم لها الكفالة الكاملة وتلبية كل احتياجاتها تفسيراً لقول الله تعالى:-
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ).
وهذه هي الدرجة التي للرجال بالقيام على رعايتهن وتلبية حقوقهن وطلباتهن دون المساس بمالهن، وتوفير كافة الخدمات لها وبهذا يتحقق العدل بينهم والمشاركة في الحياة.
-ويقول النبي صلى الله عليه وسلم تأكيداً على أن تكون نفقة النساء على الرجال كاملةً وأهمتها:-
(....وديناراً أنفقته على أهلك أعظمها أجراً).
(إنك أن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك).
(إن الرجل إذا سقى امرأته الماء أجر).
(إن أعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته).
لتعظيم النفقة عليهم وأهميتها على قدر الاستطاعة.
-قال الله تعالى:-
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا).
لعدم التعدي على مال المرأة وحقها في امتلاكه وتوجيهه لما تراه في أي عمل تجاري فبامتلاك المرأة لمالها يكون لها حق الإتجار به كيفما شاءت وحق إدارة أموالها.