"ڤيكتوريا - المتوسط".. الحلم الاستراتيجي الواعد !!

الاثنين 27 فبراير, 2023

تنتهج مصر استراتيجية متوزانة في الملف الإفريقي وفي علاقاتها مع دول القارة تعتمد علي فكرة الشراكة ودعم التعاون البناء لتعويض سنوات من الجمود والجفاء وشبه القطيعة!.

وتنطلق سياسات القاهرة الجديدة ،ونصب أعينها جملة من التحديات والمتغيرات،والرؤي الاستشرافية التي تستوعب طموحات وآمال أبناء القارة السمراء في تحقيق التكامل والتنمية الشاملة والمستدامة بما تملكه من مقومات ومقدرات تؤهلها للخروج من دائرة التبعية والتخلف.

 وجاء الحصاد مثمرا وسريعا بعد عودة مصر لأحضان القارة السمراء وتدشين مشروعات مشتركة ،وكانت أولي البشائر إنشاء سد جوليوس نيريري بتنزانيا  بأياد وخبرات مصرية ،ثم بدأ التفكير جليا في المشروع العملاق لربط البحر المتوسط ببحيرة ڤيكتوريا،علاوة علي دعم مشروعات الطاقة النظيفة وتطوير التبادل التجاري.

ومن جديد يلوح في الأفق مستقبل مشرق لدعم أواصر التعاون بين دول القارة الأفريقية، وبدأ التفكير جليا في تدشين أولي خطوات المشروع الاستراتيجي الحلم "ڤيكتوريا - المتوسط"، والذي يحمل معه مؤشرات إيجابية ،بشارات جديدة للخير والأمل لدول القارة السمراء وعلي رأسهم دول حوض النيل.

 كما يسطر المشروع العملاق رسائل استراتيجية لا حصر من عن عودة القاهرة لدورها الريادي ، ودعم طموحات أبناء أرض الكنانة بأن تصبح مصر مركزا عالميا وإقليميا للتجارة وتصدير الطاقة المتجددة ،وتحفيز الاستثمارات الأجنبية.

ومن بين الرسائل تعزيز إيمان قادة أفريقيا بأن التكاتف والترابط الاستراتيجي أصبح ضرورة عصرية لدعم مشروعات التنمية المستدامة وتطوير التبادل التجاري ،وفي نفس الوقت يؤكد صدق نوايا القاهرة حين دعت أديس أبابا مرارا وتكرارا بضرورة التعاون وتحويل مشروع سد النهضة الإثيوبي إلي مشروع تنموي مشترك وبداية لتحقيق حلم الربط الكهربائي مع دول القارة وتصدير فائض الطاقة النظيفة لأوربا ولمختلف دول العالم، مع الحفاظ علي الحقوق التاريخية لمصر والسودان في مياه النيل والتوصل لإتفاق عادل وملزم.

وفي تقديري أن الربط الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط سيكون من أهم المشاريع التنموية الطموحة التي تتبناها مصر خلال القرن الواحد والعشرين لتحقيق التواصل بين شمال ووسط وجنوب القارة عبر نهر النيل ، حيث يحقق جملة من الفوائد التنموية والخدمية والإستراتيجية لاحصر لها.

كما سيصنع مناخا ملائما للاستثمارات المتنوعة ،ويخلق أكبر سوق مشتركة لشرق وجنوب أفريقيا "الكوميسا" بالتنسيق بين كافة الدول المشاركة.

كما أنه خطوة لإضافة مزيد من الأهمية الجيوسياسية لمنطقة دول حوض النيل على وجه الخصوص وتنمية البنية التحتية،علاوة علي الأبعاد الاجتماعية والإنسانية والبيئية لهذا الحلم الجديد.

كما ينهي معاناة دول حوض النيل ،والدول الحبيسة مع صعوبة وجود منافذ لتصدير منتجاتها إلى دول الشمال، خاصة مع ارتفاع التكلفة بالنسبة للنقل الجوي وبعض المشاكل الجيولوجية والطبيعة التي تصعب من فكرة مد سكك حديد بطول إفريقيا، يساعد على توصيل البضائع إلى السواحل الشمالية للقارة الإفريقية.
  
المشروع سيدعم أواصر التعاون و الترابط بين دول تنزانيا وكينيا وأوغندا وروندا وبروندي والكونغو الديمقراطية وجنوب السودان والسودان، إضافة إلى أثيوبيا لو توافرت لديها الإرادة وحسن النوايا.

 أما أرض الكنانة فستتحول إلى منفذ رئيسي لبضائع إفريقيا إلى العالم ،ولكي يتم تنفيذ هذا المشروع يجب أن تدرك دول حوض النيل كافة أبعاده التنموية الاستراتيجية ،وأن تعمل جاهدة لتذليل كافة العقبات ،التي تستلزم إعادة تهيئة المجرى المائي للنيل مع حفر عدد من القنوات الفرعية لتسهيل الملاحة في بعض المناطق الصعبة، علاوة على إنشاء العديد من المشروعات التنموية المشتركة علي ضفاف النهر.

كل المعطيات والمؤشرات تؤكد أن هناك أطراف دولية تسعي بكل ما أوتيت من قوة لتعطيل هذه الشراكات وغرس بذور الشقاق ،ولا تريد لدول القارة أن تبرح مكانها وأن تخطو للأمام ،مع الإكتفاء بإنتاج المواد الخام والاستهلاك فقط، وترويج منتجات الآخرين، وألا تبرح مقعدها في صفوف المتفرجين!.

ومن الأمور البديهية أن يكون للإتحاد الإفريقي دور فاعل في تدشين مثل هذه المشروعات التنموية الواعدة،لكن العديد من المعوقات والإحباطات تحول دون تطوير دوره في إدارة الملفات الإفريقية المشتركة،بل هناك تحفظات علي طريقة تعاطي الاتحاد مع الملفات المهمة التي تتعلق بمستقبل القارة ،لكن الأماني ما تزال ممكنة!.