دراسة بحثية خليجنا "عربي" ومحاولة وصفه بالفارسي هي تجاوز لحقائق التاريخ والجغرافيا
الأحد 6 مارس, 2022أكدت الباحثة البحرينية منيرة السبيعي أن خليجنا عربي، بموجب حقائق التاريخ والجغرافيا ، لأن القبائل العربية كانت تسكن على ساحليه الشرقي والغربي.. وان أي محاولة لوصفه بالخليج الفارسي تعد تجاوزا متعمدا لتلك الحقائق التي أكدتها شهادات كبار وأشهر المؤرخين. جاء ذلك في دراسة نالت عنها منيرة علي عيسى السبيعي درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف، من كلية البنات بجامعة عين شمس المصرية، وحملت اسم " الحياة الاقتصادية والاجتماعية في إقليم البحرين في العصرين الأموي والعباسي الأول ( 661 - 846 م 41 - 232 ه) ". ووفقا للدراسة فقد اتّسم إقليم البحرين بحدوده المترامية الأطراف من البصرة شمالًا إلى عُمان جنوبًا، ومن بلاد اليمامة غربًا إلى ساحل الخليج العربيّ شرقًا، إلّا أنّه مع هذا كلّه نجد أُفول نجمه في فترة من الفترات؛ ثمّ انتقال مركز الخلافة إلى العراق؛ لانشغال خلفاء الدّولة الأمويّة بشكل خاصّ في توسيع رقعة الإسلام؛ عن طريق الفتوحات الإسلاميّة التي خاضها الوُلاة والحكّام في تلك الفترة، فأصبح الحديث عن هذا الإقليم محدودًا ونادرًا. وتقول الدكتورة منيرة السبيعي: بينت الدّراسة التّنوّع السّكّاني من جانب القبائل التي توطنت هذا الإقليم، وهي قبائل عربيّة من الجزيرة العربيّة، ممّا لا يعني ذلك عدم وجود عنصر سكّاني آخر، حيث تواجُدُ العنصر الفارسيّ: كالنَّبَط مثلا، وأقوام تابعة للفرس: كالسّيابجة والزّط. وتقول: أُطلقت على الخليج العربي مسمّيات عدّة عبر العصور، مثل: "البحر الأدنى" و"البحر المرّ" عند الإغريق والرّومان و"بحر فارس" و"بحر القطيف" و"خليج البصرة" و"بحر العرب" و"الخليج العربيّ" عند العرب والمسلمين. وإذا كان الإغريق هم من أطلقوا مسمّى "الخليج الفارسيّ" بنسبته إلى الفُرْس - حين مرّ الإسكندر بحِذاء السّاحل الشّرقيّ للخليج العربيّ في عودته من الهِند. ولا شكّ أنّ التّسمية العربيّة للخليج العربيّ هي التي تطابق الواقع الجغرافيّ للخليج العربيّ، وهي الأجدر بالاستخدام بين الباحثين العرب؛ لعدّة اعتبارات: أنّ العرب قد استوطنوا السّاحل الشّرقيّ للخليج العربيّ منذ الألف السّادسة قبل الميلاد. حملت كثير من مواضع السّاحل الشّرقيّ للخليج العربيّ مسمّيات عربيّة: كسِيف عُمارة وسِيف زُهَير، وهو ما يرد في كتب الجغرافيّا التّاريخيّة لإيران. استقرّت بطون كثيرة من تلك القبائل العربيّة على مواضع من السّاحل الشّرقيّ للخليج العربيّ: كبني شيْبان، والقواسم، وآل عليّ، والمرازيق، وغيرها. أقامت القبائل العربيّة لها مشيخات وإمارات عربيّة على السّاحل الشّرقيّ من الخليج العربيّ: كإمارة الجُلنديّ للأزد - في فترة ما قبل الإسلام -، وإمارتيّ آل بُومَهِير، والمطاريش في بوشهر، وإمارة القواسم في لِنْجَة - في القرن الثّامن عشر للميلاد-. وهناك مجموعة من الشّهادات الغربيّة، تؤكّد على التّسمية العربيّة للخليج وليست الفارسيّة، كشهادة: كارستن نيبور الرّحّالة الدّانماركيّ، وشهادة صاحب كتاب "الخليج: الفقاعة الذّهبيّة"، من أهمّ النّتائج التي توصّلت إليها الدراسة هو وجود التنوع السكاني في هذا الإقليم ما بين القبائل العربية والعنصر الفارسي، كما أكّدت الدّراسة على أنّ هناك علاقة وثيقة بين جغرافية الإقليم، وتنوّع مظاهر السّطح فيه، تؤكّد على الدّور الرّياديّ للجانب الاقتصاديّ، من خلال وفرة المياه، وتنوّع المحاصيل الزّراعيّة. - كما ساهم الاستثمار في الثّروة الحيوانيّة إلى توفير الموادّ اللّازمة في الصّناعة. مما أعطى مناطق الإقليم شهرة بشتّى صنوف الصّناعات التي ساهمت في تطوّر الإقليم. - ومما توصّلت إليه الدّراسة أهمّيّة الثّروة البحريّة في ازدهار وتنامي التّجارة في إقليم البحرين، وفتح مجالاتٍ واسعةٍ من التِّجارات في تسيير القوافل أنحاء الجزيرة العربيّة وما جاورها. - كما أثبتت أن النّجاحات التي برزت في سوق البحرين كان مصدرها اهتمام الوُلاة والخلفاء في كلا العصرين الأمويّ والعبّاسيّ الأوّل بالتّجارة وإنشاء الأسواق. - بيّنت الدّراسة مظاهر الحياة الاجتماعيّة في العصرين الأمويّ والعبّاسيّ من حيث العادات والتّقاليد التي برزت في تلك الأيّام بدءًا من عادات الزّواج والطّلاق، وما كان يستخدم فيها من الآلات، وبعض المظاهر المرتبطة بالطّعام وأصناف المأكولات في إقليم البحرين ومصادرها، ومظاهر اللّباس والزّينة لدى كلّ من الرّجل والمرأة. - كما أكدت الدّراسة على الاهتمام ببناء القصور والقلاع ونحوها، كما كشفت عن دور المجالس وأنواعها سواء ما كان منها للتّسلية أو للعلم والتّفقّه في الدّين. ختاما الشكر إلى أستاذتي ومعلمتي الدكتورة آمال محمد حسن أستاذ التاريخ الإسلامي المساعد بكلية البنات – جامعة عين شمس، على سعة الصدر ورحابة النفس على قبولها للإشراف على هذه الدراسة، والتي منحتني من جهدها ووقتها الكثير ما يفي لإخراج هذه الرسالة المتواضعة إلى حيز الوجود، وكذا الشكر لأعضاء لجنة المناقشة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن علي محمد بشير أستاذ التاريخ الإسلامي – كلية الآداب بجامعة الزقازيق، والأستاذ الدكتور عودة حسان عواد أبوشيخة أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية التربية – جامعة عين شمس، والأستاذة الدكتورة مكة البنا وكيل الكلية السابق للدراسات العليا ، والأستاذ محمود عارف مسئول الدراسات العليا في الملحقية الثقافية لمملكة البحرين بالقاهرة و الأستاذ طارق محمد علي الذي لم يألُ جهداً في مساعدتي في كل ما يخص الإجراءات الإدارية.