أزعجهم أن مصر تجاوزت السنوات العجاف
هل تابع البرلمان الأوروبى ردود الفعل الشعبية والبرلمانية فى مصر بعد البيان الأخير الذى أصدره بشأن حالة حقوق الإنسان فى مصر، وهو البيان الذى ذكرنا فيه البرلمان الأوروبى و»عايرنا« بالدعم المالى الذى قدمه الاتحاد الأوروبى والبنك الأوروبى للإنشاء والتعمير لمصر؟!
وهل القضية تتعلق فعلاً بالمبادئ والحرص على الحريات وحقوق الإنسان!!
إن البرلمان الأوروبى لم يكن منصفاً فى التعامل مع مصر أو فى الحديث عنها.. وتجاهل عن عمد حقوق الأبرياء الذين تضرروا من الإرهاب وانحاز إلى حقوق الجناة وكأن حقوق الإنسان قاصرة عليهم أما المجنى عليهم فلا حقوق لهم.
والبرلمان الأوروبى لا يعرف شيئاً عن الذين ينشرون ثقافة الكراهية ويشجعون على العنف والتطرف والذين تمثل أفكارهم وتعاليمهم الطريق والمنهج إلى الإرهاب المسلح بكل ما يعنيه ذلك من قتل ودماء ودمار.
والبرلمان الأوروبى الذى يضم مجموعة من الارستقراطيين لا يدرك معنى أن تكون هناك عشوائىات وأن يكون هناك من قضوا حياتهم وسط المقابر، ولا يقدر حجم الجهود التى بذلت فى سنوات قليلة لإعادتهم إلى الحياة، وإلى منحهم الحق فى العيش الكريم وإلى تعويضهم عن كل سنوات التجاهل والمعاناة.
>>>
والبرلمان الأوروبى على ما يبدو أيضاً لا يعلم ما هى مصر.. ويذكرنا بالمساعدات المالية وكأنه يعايرنا بها وأن كل هذه المساعدات لا تساوى شيئاً وليست بذات قيمة إذا ما قورنت بكل ما اغتصبه الغرب وما استولى عليه خلال سنوات الاحتلال التى ارتكب فيها المجازر والمذابح وكل أنواع التجاوزات التى تتعلق بحقوق الإنسان.
ولأن هذا البرلمان لا يعرف أيضاً معدن الإنسان المصرى فى أوقات المحن والأزمات فإنه لن يتفهم أن كرامة الإنسان هى مصدر قوته وأن أى مساس بسيادته وبوطنه يعنى فى حقيقته نوعاً من العداء السافر ونوعاً من التدخل فى شئون بيته وهو أمر لا يمكن التسامح فيه أو قبول أى مبررات.
وعندما نتحدث عن مصر فإننا نفخر بالانتماء لهذا البلد العظيم بنسيجه القوى وبتلاحمه ووحدته الوطنية أمام كل الغرباء الذين يحاولون ذرع الفتنة والانقسام فى صفوفه.
ومصر الغنية بثرواتها البشرية.. هبة الله فى أرض الكنانة قادرة على الرد.. وقادرة على أن تقدم للعالم نموذجاً فى العطاء.. فالأرض الطيبة أخرجت نجوماً وقمماً فى الثقافة والأدب والعلوم والقانون وفى كل مناحى الحياة حيث انتشروا فى كل بقاع الدنيا يمثلون قامات خالدة يشار إليها بالتقدير والإعجاب، وكانوا نتاجاً لثقافة قوية استمدت قيمها وتعاليمها من مجتمع التسامح والوسطية القائم على التكاتف والتعاطف والتعاضد فى أروع نموذج للإنسانية السمحاء التى تمثل قانوناً حياً ملزماً لحقوق الإنسان وأدميته.
>>>
والقضية ليست حقوق الإنسان.. القضية كما غنى عبدالحليم حافظ فى الستينيات هى حكاية شعب للزحف المقدس قام وثار، شعب زاحف خطوته تولع شرار، شعب كافح وانكتب له الانتصار.. هى حكاية حرب وتار بينا وبين الاستعمار.
وشعبنا ثار.. ثار وتصدى لمؤامرة الاستعمار الجديدة فى تصدير الفتن إليه، ثار على مرحلة حاولوا فيها تصدير الثورة الهدامة إلينا فى شكل »ربيع« ووعود وأحلام، ثار وتصدى لمحاولات إسقاط الدولة وتقسيم مصر.. ثار وتصدى لمخطط التفريط فى الأرض المصرية فى سيناء.. ثار وتصدى للذين قفزوا على الأكتاف لاعتلاء السلطة وإقصاء الجميع، ثار وتصدى وأعاد الدولة المصرية إلى مسارها الطبيعى.
وعندما عادت الدولة القوية حققنا المعجزة.. وهى المعجزة التى أزعجت قوى الاستعمار الحديث فلم يكن هناك من يعتقد أن مصر ستعبر مؤامرة »الربيع الزائف« ولم يكن هناك من يتخيل أن مصر ستتجاوز أزمة جائحة »كورونا« بتحقيق إنجازات اقتصادية وتنموية، ولم يكن هناك فى دولهم من يعرف أن هناك شعباً عملاقاً فى مصر واجه الكورونا بالسخرية والتنكيت، وتعامل مع الفيروس بالأغانى وبالتطعيم »بالفول«، شعب جبار لا يخاف النار ولا توقف مسيرته تحديات وأزمات، شعب بنى الأهرامات وحفر القناة بسواعد الرجال وأكتافهم، شعب يحقق بأقل الإمكانيات أفضل النتائج، شعب يعبر القناة وسط النيران بقوارب مطاطية ليحقق أعظم انتصار، وشعب التهم فى داخله كل قوى الاستعمار والاحتلال التى تربصت به وظل محافظاً على شخصيته وعلى طبيعته وهضم الجميع فى أمعائه وجلس على المقاهى يتندر على »الخواجة« ويعتبر وجوده لحظة عابرة فى تاريخه.
>>>
ولأننا تجاوزنا السنوات العجاف، ولأننا خرجنا من النفق المظلم، ولأن الدولة المصرية الآن تنمو وتقفز وتطير، ولأنها تستعيد بريقها وتحقق جزءاً من أحلامها وتطلعاتها فإنهم لم ينتظروا طويلاً، وسارعوا إلى إيجاد وسيلة أخرى للضغط، للوصاية، للاحتواء، لإيقاف وتعطيل استقلالية الدولة ونجاحاتها، ففتحوا باباً اسمه حقوق الإنسان بحجة أن القضية عالمية، وأطلقوا من خلالها قذائف التهديد والوعيد، ونسوا أو تناسوا أنهم أمام بلد كبير اسمه مصر لا يهتز.. ولا يتأثر ولن يوقف انطلاقته بيان من هنا أو هناك.. وسنغنى وسنواصل الغناء مع عبدالحليم.. وحكاية شعب.. شعب كافح وانكتب له الانتصار.
>>>
وأخيراً نقول:
كلمة تكسر النفس
وكلمة تجبر الخاطر
وكلمة تدفعك لليأس
وكلمة تأتى بالأمل
كلمة تخرب البيوت وكلمة تبنيها