فرحة الأسود.. وأوجاع الكرة المصرية!!
أسود المغرب يكتبون التاريخ بحروف عربية، يزأرون بقوة في المربع الذهبي لمونديال كأس العالم بقطر، في إنجاز غير مسبوق بعد أداء مهاري واحترافي مميز وإلتزام خططي وفني مكنهم من إقصاء الكبار تباعا من دوري المجموعات ثم إسبانيا والبرتغال.
تفوق الأسود بالقراءة الجيدة للفرق المنافسة ،فأصبحوا الأكثر تنظيما والأقوي دفاعا ،والأدق تحليلا لأداء الفرق الأخري فقد أضاف المغاربة لجهازهم الفني الوطني الأصيل ،عناصر قوة خاصة هدفها رفع اللياقة البدنية وتحليل الأداء الرياضي وخاصة للفرق الأخري المنافسة، لمعرفة مكامن القوة والضعف ومن بينهم اثنين من أقوي محللي الأداء في العالم "هاريسون كينجستون" محلل أداء ليفربول لفترة تزيد عن ثماني سنوات ،وموسي الحبشي محلل أداء منتخب بلجيكا المصنف ضمن أقوي فرق العالم.
أضف إلي هذا الروح العالية والثقة و الرغبة والحلم وقوة الإرادة والإصرار علي الإنجاز،كلها محددات ومقدمات تقودنا بطبيعة الحال لنتائج فائقة ومتميز،وبالفعل جاء الحصاد مثمرا ووفيرا شرف كل العرب.
وما بين مشاعر الفرح العميق والحزين الدفين تتأرجح مشاعر المصريين ، محملة بأوجاع الماضي ،فهي تغبط منتخب أسود المغرب علي هذا الأداء المبهر الذي اتسم بالقوة والإبداع وشرف كل العرب ، وقد كانت تطمح أن تري منتخب الفراعنة في هذه المرتبة العظيمة وتلك المكانة اللائقة بتاريخ مصر وأبنائها.
واعتقد أنها حقوق مشروعة وتطلعات ممكنة حالت عوامل كثيرة دون تحقيقها، فماذا ينقص المنتخب المصري لكرة القدم كي يتبوأ مكانته الطبيعية علي الساحة الإفريقية والأممية،ويحجز مقعدا دائما في جميع أعراس المونديال والفعاليات الدولية.
ولا أري أن هناك فارقا كبيرا بين منتخب مصر والمغرب ،فقد فازت مصر في آخر مواجهة علي الفريق الشقيق وتتشابه طريقة لعبها مع أسلوب الفراعنة ، ولذا اختارها العاب المبارة الودية قبيل انطلاق البطولة وأعرب عن انبهاره بأداء الفريق المصري، واندهش من عدم وصوله لخوض نهائيات المونديال ،وفي احتفالية مبهجة بدولة الكويت تحسر معه ملايين المصريون والعرب علي غياب فريق الفراعنة عن المشهد الدولي.
اتصور أن أهم الدروس المستقاه من فعاليات المونديال ضرورة اتخاذ قرارات تصحيحيه عاجلة ،والقضاء علي الشللية في اتحاد الكرة والتخلص من شبهات الفساد والمحسوبيات التي تسبب في انتكاسات متتالية للكرة المصرية
لقد نكأت الأمنيات الكامنة جراح السنين بعد التراجع خلال السنوات الأخيرة، دون مبررات منطقية، رغم ما وفرته و توفره أجهزة الدولة المعنية من إمكانيات وتسهيلات وامتيازات !.
ومن نافلة القول أننا نمتلك جيلا ذهبيا من اللاعبين علي رأسهم الفرعون المصري أفضل لاعبي العالم وفقا لاستفتاء الجماهير،ومن أفضل ثلاثة لاعبين وفقا للاستفتاءات الرسمية،علاوة علي مجموعة من المحترفين والمحليين المتميزين،وعناصر واعدة من أجيال الشباب.
وبعيدا عن فكرة محاكمة المتهمين بخيانة أماني المصريين ،أتصور أننا في حاجة ماسة لرؤية استراتيجية ملهمة تغرس الحلم والشغف والإرادة،تدعمها نفضة مجتمعية عملية لتصحيح المسار تشارك فيها كافة قطاعات الدولة بما يضمن النهوض بالرياضة المصرية بوجه عام والتطوير الفعلي بعيدا عن التقوقع في بحار الأماني والشعارات !.
ووفقا لما اتفق عليه خبراء الرياضة والتخطيط،أصبح لزاما إعادة الاهتمام بالأندية الجماهيرية والشعبية التي كانت أهم منابع المواهب ، وبناء قاعدة عريضة من الناشئين وتأهيل مدربين محترفين.
أيضا الاهتمام المستدام بتحليل أداء الفرق المنافسة ،واستهداف زيادة قاعدة المدربين المحترفين لكرة القدم وتأهيلهم وصقل مهارتهم في معاهد تدريبية متخصصه،علاوة علي تأصيل ثقافة الاحتراف المحلي باعتباره المحرك الأساسي فى ترسيخ قيمة الاحتراف الدولي فى عقول اللاعبين ،علاوة علي تأصيل دورى المدارس والجامعات لبناء القاعدة الرئيسية للاحتراف واكتشاف المواهب الجديدة.
ولا ريب أن تدشين منظومة كروية وفق اسس احترافية عالمية، يتطلب الاستفادة القصوي من تجارب ونجاحات الفرق الأجنبية الصاعدة والعربية بالمونديال مثل اليابان والسعودية والمغرب "أسود العرب".
وأيضا التقييم المستمر للبطولات والفعاليات الرياضية العالمية، وتجارب الدول التي حققت تطويرا رياضيا، وطفرات ملحوظة في فترات قياسية.
وخلال أيام ستطوي صفحة كأس العالم بقطر
ليبقى من أروع الفعاليات ومن أجمل ذكريات العرب.. تنظيم مبهر وفعاليات ترفيهية وتحف معمارية ورسائل قيمية دينية ،والأهم هي توحد العرب على قلب واحد وهدف واحد، وليسجل التاريخ أن النسخة العربيةأفضل نسخة على مر السنين..
وتبقي الدورس والرسائل لمن أراد أن يعي ويفقه أو يحدث له ذكرا !!