عهد المدينة ..ميثاق حقوق الإنسان والتعايش السلمى
عهد المدينة ميثاقا لحقوق الإنسان وأليات التعايش السلمى بين أبناء المجتمع ..ولقد وضع نصوصه وميثاقه خاتم الأنبياء الرحمة المهداة للعالمين ليكون دستورا منظما للحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع سواء المقيمون والوافدون بعد الهجرة .
فبعد الهجرة النبوية التى أمر بها الله سيدنا محمد ليهاجر من مكة إلى المدينة بعد الظلم والإضطهاد الذى لاقاه من أهل مكة فأمره الله بالهجرة إلى المدينة ..
قال تعالى
ألا تنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)
سورة التوبة..
فهذه الأية توضح ما واجهه الرسول وصاحبه أبو بكر الصديق فى رحلة الهجرة والمعجزات التى حدثت فى رحلة الهجرة ونصرة الله له وحفظه وعنايته..
ولقد نزلت العديد من الأيات موضحة دور أهل المدينة فى الدعوة الإسلامية ومنها
قال تعالى
(ما كان لأهل المدينـة ومن حولهـم مـن الأعراب أن يتخلفـوا عن رسـول الله ولا يرغبوا بأنفسـهم عن نفسـه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصـب ولا مخمصـة في سـبيل الله ولا يطئـون موطئاً يغيظ الكفــار ولا ينالــون من عـدو نيلاً إلا كتب لهم به عمـل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين) صدق الله العظيم سورة التوبة
«الآية 120
فهنيئا لكم يا أهل المدينة بهذه المكانة العالية فى صدور وقلوب المسلمين ومكانتك لدى رسول الله ودفنه فى المدينة المنورة و المسجد النبوى الذى له مكانة عالية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( لا تشد الرحال إلاَّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى )
صدق رسول الله..
لتظل مكانة المدينة المنورة عالية وشامخة وذلك لنصرتها رسول الله والمهاجربن ودورهم فى الدعوة الإسلامية ..
فمع بداية عاما هجريا جديدا تنسمنا نفحات من نفحات المدينة المنورة وتذكرنا عهد المدينة وميثاقها الذى أقر دستورا موضحا الحقوق والواجبات لكل أفراد المجتمع ..
فمع بداية الهجرة كان لابد من وضع دستور ينظم العلاقات بين أفراد المجتمع وذلك لضم المدينة فئات مختلفة وديانات متعددة فمنهم المهاجرين والأنصار والأوس والخزرج واليهود وغيرهما من أبناء القبائل الأخرى ليكون عهد المدينة منظما للعلاقات بين أفراد المجتمع وذلك فى الشئون الدينية و الاقتصادية والمجتمعية والسياسية والدفاعية .. ليكون مجتمع المدينة
أول مجتمع يضع ميثاق للتعايش السلمى مقرا بحقوق الإنسان.
ومن بنود هذا الميثاق
إقرار الحقوق والواجبات لكل أفراد المجتمع ..
حرية العقيدة والعبادة لكل أفراد المجتمع ..
ضمان الذمة المالية وحرية المعاملات التجارية والحق فى التكسب والربح.
إقرار مبدأ المساواة بين أفراد المجتمع والإحتكام فى حال الخصومة إلى الله ورسوله..
الدفاع عن المدينة فى حالة الحرب والإعتداء الخارجى ..
كيفية رد المظالم والحكم بين الناس..
عدم التعامل مع أهل قربش فى مجال التجارة نظرا للعداء مع المسلمين. المساواة فى الحقوق والواجبات لكل أفراد المجتمع.
كانت هذه بعض بنود عهد المدينة الذى وضع ميثاقه خير خلق الله ليكون أول دستور وضع فى الإسلام وليبين حقوق وواجبات الفرد فى ظل الحرية والديمقراطية الحقيقية وكيفية التعايش السلمى..
فما أحوجنا فى هذا الزمان للدروس المستفادة من عهد المدينة وميثاقها وإحترام حقوق الإنسان وواجباته والتعايش السلمى والعودة إلى ديننا وعقيدتنا الوسطية وما أمرنا الله به من مكارم الأخلاق والمعاملات والعبادات لتكون بحق خير أمة أخرجت إلى الناس ويعم الخير والتقدم والرخاء والسلام .