"أبناء الساحل ".. وأهل المحروسة !!
فكرة تجسير الفجوات وسبر أغوار الهوات الاجتماعية السحيقة، والإلتزام بروح المسؤولية الاجتماعية الوطنية، بين أبناء الوطن الواحد ليست جديدة ،لكنها أصبحت ضرورة عصرية لتدارك أخطاء سابقة ،ومحاولة تعديل شكل الهرم الاجتماعي المتابين.
وسعيا لتحقيق التغيير الاجتماعي، والرقي الحضاري سعت
بعض الدول المتقدمه قبل عشرات السنين لتدشين نظم اجتماعية تحقق العدالة لإذابة هذه الفوارق بين الطبقات الاجتماعية، وإحداث فكرة الدمج المجتمعي لخلق تركيبات سكانية متكافئة ومتقاربة، لإنجاز فكرة الوفاق والتعايش الايجابي.
كما سعت الدول النامية والساعية للنمو والنهوض بقوة ،ومن بينها مصر إلي فرض برامج تضامنية وحمائية تكفل القضاء علي التفاوت الطبقي ،وتحقق نوعا من الاستقرار والوفاق الاجتماعي، بما يخدم توجهات الجمهورية الجديدة ومتطلبات التنمية المستدامة.
ويلوم البعض علي التوجهات الأممية الداعمة للتوجهات الرأسمالية والقطاع الخاص، تكوين طبقات مرتفعة الدخل، تتمتع بالثراء الفاحش ابتعدت تدريجيا ،وبمراحل عن معظم الطبقات الاجتماعية الأخري.
وقد يكون هذا حصادا طبيعيا لسلطان وأدبيات أبناء رأس المال والأثرياء ،والاستفادة من الممارسات وقوانين الأعمال الاستثمارية الخاصة الصارمة،التي تدار بدقة متناهية،وبحسابات الورقة والقلم وتوظف كافة الطاقات والجدارات والمقدرات وفقا لمؤشرات وفلسفات تعتمد علي الحوكمة والتخطيط الاستراتيجي المحكم ودراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية.
وقد نجح هذا الفكر في خلق مناخ تنافسي وحتمية استثمارية مربحة ،وهذه مؤشرات فاعلة لو تم توظيفها ومراقبتها بحيث تصب في نهاية الأمر في دعم وتنمية الاقتصاد الوطني ،ومن قبله الانسان ،فهو صانع التنمية ،ويأتي علي قمة أهدافها أولوياتها.
ولكن مؤشرات الواقع تشي بأن أسوء مفرزات الأنظمة الرأسمالية المتوحشة ظهور طبقات اجتماعية ،لها قدرة علي التكيف مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ،والاستفادة القصوى من مشروعات الإصلاح الاقتصادي، ولا تكترث كثيرا بأحوال الناس ،ودعم الموارد البشرية إلا فيما يتعلق بمصالحها فقط !.
وأن تكون من أصحاب الحظوة والتميز والثراء ،فلا مانع ولكن من غير المقبول أن تتخلي هذه الطبقات عن مسؤولياتها الوطنية، وأن تتخلي عن دورها في دعم الطبقات الكادحة ،وتخرج لسانها من آن لآخر لأبناء المحروسة الصامدين!.
ملامح الاستفزاز الاجتماعي ، له جذور عميقة وصور معلنة وأخري من وراء ستار، لكنه عاد منذ أسابيع قليلة في صورةجامحة وفي ثياب ومشاهد قبيحة ، كشفت عنها وسائل التواصل الاجتماعي ،فمن غير المعقول أن تصل تذكرة حفل غنائي لعمرو دياب بالساحل الشمالي إلي 100 جنيه ،ولمدة ساعتين،ويحضره عشرات الآلاف،وتليه حفلات استعراضية أخري ، في تحد صارخ ومستهجن للطبقات التي تضرب أخماسا في أسداس ،وتعيد ترتيب أولوياتها للتحصن من الآثار المرة لأزمات الغلاء المتصاعدة التي أشعلت حرب روسيا وأوكرانيا.
وأيضا زاد الطين بلة ،واشعل الحنق من جديد ما تم تداوله حول زحام بعض الأغنياء ورجال الأعمال لشراء ڤلل بالساحل الشغ ،وفي أماكن أخرى يزيد سعرها عن 100 مليون جنيه ،وكأن المصريين في عالم آخر ،له حسابات وقوانين جديدة !.
مابين أبناء الساحل وأهل مصر من أبناء المحروسة فواراق طبقية واجتماعية صنعتها السنون والمتغيرات،فازداد الأثرياء واتسعت الفجوات واختفت الطبقة الوسطى عادئة للخلف في مسار إجباري لتذوب في طبقة محدودي الدخل ،ودوامة المعاناة مع الحياة والمتغيرات.
كنت أتمني أن نجد نماذج وطنية من رجال الأعمال تتبني مبادرات عملية للتخفيف عن أبناء مصر ،و تسهم مع جهود الدولة في تجاوز الأزمات والصعاب وكافة التحديات التي فرضتها المتغيرات الدولية المتلاحقة.
كنت أتصور أن يدعو عدد من رجال الأعمال لإقامة حفلات ترفيهية بأسعار مخفضة تناسب العديد من فئات الدخل في الأندية أو الاستادات الاسكندريه القريبة من الأماكن والمقاصد السياحية، وأن يتم تخفيض قيمة الإقامة بكافة الشواطيء والمنتجعات إلي النصف ،تشجيعا للسياحة الداخلية،ومراعاة لإبعاد إجتماعية مهمة.
كنت أتمني أن يتكاتف هؤلاء في مبادرة فعلية ترعاها الأجهزة المعنية لمحاربة الجشع والغلاء!.
قد كنت أتصور أن يجتمع هؤلاء انطلاقا من المسؤولية الاجتماعية الوطنية لدعم المبدعين ولنماذج الإيجابية من أبناء الوطن،ودعم الباحثين والمبتكرين
وتطوير مراكز البحث العلمي للخروج بتدابير وحلول تسهم في توفير الخدمات والسلع الاستراتيجية بانتاجية عالية وتكلفة أقل !.
سلام عليكم أبناء وسكان الساحل فقد تراكمت ثرواتكم من خير مصر ..فرفقا بأهل مصر !!