النائب العراقي محمد صديق خوشناو: أداء حكومة السوداني دون التوقعات.. وهذه بدائل انسحاب قوات التحالف

الخميس 11 سبتمبر, 2025

قال النائب بالبرلمان العراقي الدكتور محمد صديق خوشناو، إن خروج قوات التحالف من العراق يحتاج توافقا وطنيا واضحا يتمثل في قرار حكومي برلماني معلن، يشمل تقييمًا أمنياً فنياً، مع اتفاقيات بديلة لضمان عدم خلق فراغ أمني.
وأضاف خوشناو، أن القرار التقني والسياسي بخصوص تواجد قوات أجنبية هو حساس ويجب أن يوازن بين الأمن الداخلي، خطر عودة تنظيمات مسلحة خصوصاً داعش، والاعتبارات السيادية والسياسية، مؤكدا أن الإعلان الأمريكي عن إنهاء مهمة التحالف يمثل خطة انتقالية بحلول سبتمبر 2025 ووضع سقفاً زمنياً، لكن الملف لا يُغلق تلقائيا، فبعض القوى العراقية والفاعلات الإقليمية أعربت عن مخاوف من فراغ أمني محتمل وقد طالبت بتمديد أو إعادة تشكيل آليات التعاون الأمني.
وأشار خوشناو، في تصريحات صحفية، اليوم الخميس، على هامش مشاركته في اجتماعات الاتحاد البرلماني العربي بالقاهرة، إلى أن الخروج الكامل السريع لقوات التحالف قد يكون محفوفاً بمخاطر أمنية، إذا لم تكتمل جاهزية القوات العراقية والآليات الاستخبارية، ومن الناحية السيادية والسياسية، يرى كثيرون الأمر مطلباً مستقراً ومشروعاً، ويفضل أن يتم الخروج ضمن اتفاقيات واضحة لشراكات أمنية مستقبلية (تدريب، استخبارات، دعم لوجستي) بدل وجود قوات قتالية ثابتة.
ورأى خوشناو أن تجربة النظام الفدرالي منذ 2005 أعطت إطاراً دستوريّاً لحكم لامركزي واجتهادات لحماية حقوق المكوّنات، لكنه عملياً واجه تآكلاً وتحديات أدت إلى تراجع فعالية الفدرلة، لذا تحتاج إلى إعادة تقييم مهمة مع تعديل آليات التطبيق لا النصّ. فالتباين بين النص الدستوري والواقع التنفيذي (حوكمة مركزية متنامية، تدخّلات سلطوية، إخفاق في تنفيذ بنود اقتصادية وإدارة الموارد) جعل الكثير من مقاصد الفدرلة غير محققة، و    ما ينقصها عملياً آليات تنفيذ دستورية قوية (محكمة دستورية فعّالة ومستقلة)، إطار مالي واضح لتقاسم الموارد (نفط، موازنة)، آليات حلّ نزاعات فعّالة بين المستويات (قضاء محايد، وساطة برلمانية)، وبرامج لبناء قدرات حكم محلي، وهذه أولويات قابلة للعمل وليست مجرد مراجعات نظرية.
وقال النائب العراقي محمد صديق خوشناو : “لا شك أن المشهد في العراق يبدو معقداً وملتبساً فيما يتعلق بالمواقف تجاه بعض القضايا الإقليمية، ومنها الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، وكذلك الوضع في سوريا، وهذا التباين طبيعي في ظل تعدد القوى السياسية واختلاف أولوياتها، لكنه في الوقت نفسه يفرض على الرئاسات الثلاث مسؤولية مضاعفة لتنسيق المواقف بما ينسجم مع المصلحة الوطنية العليا.
وتابع خوشناو :"من المهم التأكيد على أن العراق لا يمكن أن يكون طرفاً في محاور الصراع، بل ينبغي أن ينهض بدور الوسيط وصاحب المبادرة الداعمة للحلول السياسية، سواء فيما يتعلق بالأزمة الإقليمية مع إيران وإسرائيل، أو تجاه الأزمة السورية الممتدة، فوحدة الموقف بين الرئاسات الثلاث ضرورية لتعزيز صورة العراق كدولة تسعى إلى الاستقرار والسلام في المنطقة، وتجنب الانزلاق في أتون صراعات لا تخدم شعبه ولا استقراره”.
ووصف خوشناو، أداء حكومة محمد شياع السوداني بأنه جاء مختلطا، فهناك خطوات وإعلانات عن تنفيذ مشاريع وإصلاحات مالية، ولكن الإنجازات الهيكلية المحدّدة (قوانين محورية كقانون النفط والغاز، معالجة الفساد بنطاق واسع، إصلاح الخدمات العامة بالسرعة المطلوبة) بقيت دون التوقعات؛ مردفا "التقييم الواقعي هو تحسّن نسبي في بعض المؤشرات واستمرار تحديات كبيرة".
ونوه خوشناو إلى أن تقييم مدى نجاح أي حكومة يُقاس بقدرتها على تنفيذ القوانين المشرعة لصالح الشعب مع تحصيل تمويل مستدام، وتحسين الخدمات — وبذلك تظل ضرورة وجود نظام رقابي برلماني قوي لإتمام ما لم يستكمل.
وعن كيفية لعب البرلمان العراقي دوره في حلحلة خلافات أربيل-بغداد، اقترح خوشناو آليات حوارٍ شفّافة منتظمة، ولجنة برلمانية مختصة (مشتركة) بين نواب العراق والأعضاء المنتخبين من إقليم كردستان لبحث الملفات العالقة (الميزانية، النفط، التمثيل، المناصب)، مع تشريع إطار تقاسم الموارد عبر إقرار قوانين واضحة لتنظيم صادرات إقليم كردستان، وتعويضات، وآلية تحاسب بين بغداد-أربيل، ضاربا المثل بمصادقة البرلمان على خطط تسوية نزاعات نفطية مؤخرًا)، معتبرا الوساطة البرلمانية الدولية/الإقليمية عند الحاجة مهمة بطلب خبرات أو مراقبة من جهات محايدة إن لزم الأمر، مع تعزيز الفصل القضائي واللجوء للمحكمة الاتحادية لحسم نقاط التفسير الدستوري بدلاً من التصعيد السياسي، فالبرلمان قادر على تحويل خلافات إدارية إلى حلول تشريعية مؤطرة تستمر بعد تغيير الحكومات.
وحول خريطة التحالفات في الانتخابات العراقية المقبلة، توقع خوشناو أن يبقى المشهد متقلّباً مع تشتت تحالفات كثيرة وولادة عشرات التكتلات، فيتركز التنافس بين قوائم شيعية تقليدية/بدائلها، تحالفات سنية متقلبة، وحضور بارز للأحزاب الكردية والقوائم المستقلة، موضحا أن بناء حكومة لاحقة سيعتمد على مفاوضات ما بعد الانتخابات وقد تهيمن وساطة الكتل الأكبر ومصالح المحاور الإقليمية، لكن التحالفات ستبقى مسألة تفاوض وبراجماتية (مقاعد، وزارات، وصلاحيات) أكثر منها توقُّعات أيديولوجية ثابتة؛ لذلك لا أتوقع تحالفاً واحداً مُسبقاً يحسم المشهد قبل فرز النتائج ومفاوضات الكتل.
و بشأن ظهور موقف كردي موحّد في الانتخابات العراقية المقبلة، قال خوشناو "هذا الموقف لم يتشكل حالياً؛ و أهم حزبيْن إقليمييْن (KDP وPUK) يسجلان تحرّكات متباينة وسيخوضان الانتخابات غالباً بشكل منفصل أو عبر تفاهمات متغيرة، وهذا الانقسام يعني أن كل حزب سيتفاوض بمفرده في بغداد بعد الانتخابات، وقد تُبقى الاجتهادات المحلية في إقليم كردستان قائمة حتى الاتفاق، وفي هذا السياق اثني على جهود الزعيم مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني لإنقاذ وخلق موقف موحد للكرد كما هو مألوف له في الماضي". مختتما" غياب الوحدة الكردية يضعف قدرة الإقليم على تفاوض موحّد بشأن النفط والميزانية والوظائف الاتحادية، ويجعل دور الوساطة البرلمانية بين أربيل-بغداد أكثر أهمية".