غادة عبد الرحيم تكتب: حتى في الحرب نغني.. فالموسيقى حياة
في مثل هذا اليوم قبل أعوام كان العالم يغني، ربما ابتهاجا وربما علاجا للقلوب والأبدان المتعبة، لكن صوت النايات مخنوق والأوتار تعزف أنات فقد حصد الوباء الكثير من الأرواح في العامين الماضيين، وبينما يستعيد العالم عافيته ويبدأ في عزف ترنيمة شفاء، يعلو صوت الرصاص وتدور رحى الحرب ويخفض صوت الموسيقى ويعلو ويعلو دوي الرصاص.. وبدلا من أن نسمع أطفالنا موسيقى أرهبنا قلوبهم الصغيرة بصوت المدافع والطلقات.
أكتب في اليوم العالمي للعلاج بالموسيقى وأنا أمتلئ بالألم.. أكتب لنفسي ولكم عن الأمل، أمسك بقلمي وأعزف علني أستطيع إخراج لحن يأت بفجر يزيل الغيوم وسحب الدخان.. لحن يطفئ حرائق قلبي والعالم.
أصف للجنود المسخنين بالجراح.. للأمهات النازحات الباكيات.. للأطفال المرعوبون.. أعظم دواء في العالم.. فلتداوا جراحكم بالموسيقى.. مازال العالم رغم عبوسه يستطيع الغناء..
في الحرب العالمية الثانية كانت الموسيقى هي الحل، لم تستطع الأدوية أسكات الألم، فهرع الإنجليز لعلاج الجنود نفسياً في مراكز خاصة تمزج بين الآلات الموسيقية والأصوات الغنائية، مما ساعد على شفاء المصابين. من آثار الحرب النفسية.
موزارت استطاع بموسيقاه انتشال الجنود من خنادق الاكتئاب.
الأمم المتحدة لم تجد أمامها سوى العلاج بالموسيقى لمساعدة الأطفال على تخطي صدمات الحرب، فطبقت برنامج "موسيقتي" الأول من نوعه في العالم الذي نفذ في مخيمات للاجئين سوريين في الأردن.
ليست سهلة تنقية نفوس الأطفال من ترسّبات المعاناة التي عاشوها جراء الحرب في بلدهم ومن الذكريات والصور الأليمة التي تركتها في نفوسهم، وحدها الموسيقى القادرة على بث الروح فيهم من جديد.
في أوائل عام 2018، انطلق برنامج "موسيقتي" في مخيمي الزعتري والأزرق للاجئين، كان مشحون بالأنين والآهات.. صحراء تلتهم ما تبقى من روح، 80 ألف سوري فروا من الصراع المستمرّ منذ ثماني سنوات في بلادهم.
اندفعت أيادي الأطفال تقرع الطبول وتعزف على الناي، فوجدت الروح متنفسا وعادت الابتسامة من منفاها وتناسى الأطفال الألم وبدأوا يشعرون بالأمل.
فيا أيها العالم الحزين اليوم مهما كانت الجراح لا تكف عن الغناء.. ففي الموسيقى حياة.