جدليات الهوية والمواطنة وإدارة التنوع ضمن جلسات ملتقى التنمية بالأعلى للثقافة
تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة المصرية، أقامت مؤسسة الفكر العربي بالشراكة مع المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي فعاليات الملتقى الثقافي الخاص بإطلاق التقرير العربي الثاني عشر للتنمية الثقافية "الفكر العربي في عقدين "2000- 2020"، ومناقشة المحورين السياسي والاجتماعي بالتقرير، بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمتخصصين في هذا المجال.
وفي إطار فعاليات اليوم الأول جاءت الجلسة الأولى بعنوان "جدليات الهوية والمواطنة وإدارة التنوع"، وأدارها الدكتور يوسف الحسن المدير العام السابق للمعهد الدبلوماسي الإماراتي، والذي تحدث فيها عن المتغيرات التي حدثت في الفكر السياسي، طارحًا بعض الأسئلة عن المتغيرات سواء الدولية أو العربية، وكذلك إمكانية التفكير في وجود "بجع أسود" في حياتنا العربية، وأوضاعها بشكل عام، وإمكانية تحويل التحديات إلى فرص، وأشار إلى أن الحروب والصراعات هي فقط مجرد أحداث في التاريخ، وما يجب الاهتمام به هو معرفة المستجدات من تلك الأحداث وأثرها على الشعوب والمجتمعات.
وتحدث الدكتور علي الدين هلال عن مواقف الفكر السياسي العربي في مطلع القرن الحادي والعشرين، وتناول موضوع الهوية- الانتماء وإدارة التنوع الاجتماعي، وقال إن الهوية والانتماء وجهان لعملة واحدة، فالهوية هي شعور بالانتماء والارتباط، وهي الإجابة عن سؤال: من أنا وإلى أي جماعة أنتمي؟ ومن ثم هوية الإنسان وإدراكه لها تحدِّد أنماط وأشكال انتمائه، وعن إدارة التنوع الاجتماعي قال إن حدود أي دولة تجمع عدة انتماءات، فلا توجد دولة كل شعبها ينتمي إلى دين واحد أو هوية ثقافية واحدة.
السؤال الأهم في تلك الحالة هو: كيف تدير الدولة كل هذا التنوع الديني والثقافي والسياسي والاجتماعي؟ وأضاف أن ما حدث في أمريكا مثلًا من صراعات على مر السنوات السابقة له علاقة وثيقة بالهوية، وكذلك ما يحدث في منطقتنا العربية فحدث ولا حرج، ولكنه في مجتمعاتنا له مسمى خاص وهو "الأقليات"، حتى في تاريخنا العربي الإسلامي يسمى "الملل والنحل"، وأضاف أن ما يهمنا في الهوية هو قضيتين: التعددية الاجتماعية وعوامل تسسيس الواقع الاجتماعي.
ثم تحدث الدكتور مصطفى الفقي عن الانقسامات والتفتيت للدول العربية، وقال إن الدولة هي معطاة تاريخية بدأت بالجماعة ثم القبيلة، وحدت بينهما اللغة ثم أصبحت دولة، وأشار إلى أهمية اللغة، فهي من وجهة نظره العنصر الأهم والأساسي في تكوين الدول.
وعن الإسلام قال إنه براء من عدائه لفكرة الدولة، الإسلام "أممي"، كما يقولون، نعم.. ولكن ذلك في الدعوة، وليس كرهًا أو ضد الاعتراف بفكرة الدولة، فليس هناك تناقض بين الأديان والأوطان، وعن الحملة الفرنسية قال إن لا أحد ينكر أنها أيقظت الشرق، فخلقت تواصلًا بين أفراد المنطقة الواحدة، وأثارت لديهم شغف الشعور بقيمة الدولة، وهو ما لم يكن موجودًا من قبل، فإبان الدولة العثمانية كانت المنطقة كلها تحت الحكم العثماني، وكان التحدي الوحيد بعد سقوط الدولة العثمانية هو إقامة دولة وطنية، لذا أقول إن الدولة منحة معطاة تاريخية، وليست منحة من أحد.
وعن الوطنية قال إنها المطاف الأخير لفكرة الدولة، وعن مستقبل الكيانات في المنطقة العربية تطرق للحديث عن الحركة الناصرية وقال إنها كانت عابرة للحدود، فلم يفرق عبدالناصر بين مصر واليمن على سبيل المثال، وهو ما كان يزعج الغرب كثيرًا، تمامًا كتجربة محمد علي وفكره.
واختتم كلامه بأن الدولة هي الحصن والملاذ، فهي العاصم الوحيد، لذا يجب المحافظة على فكرة الدولة الوطنية.
ثم تحدث الدكتور معالي الدكتور طارق متري، رئيس جامعة القدّيس جاورجيوس في بيروت، قائلًا إن السياسات والهوية، والتي تعرفها جيدًا بلدان كثيرة في المنطقة يجب أن تفعل، فتفعيلها سيقودنا إلى درء مخاطر سياسات الهوية، فلا يكفي من وجهة نظري الاعتراف بها، بل الأفضل والأنفع في تلك المرحلة هو اعتماد سياسات الهوية، فهذا شيء مختلف تمامًا عن العلم بها، وأضاف أن معظم النزاع الطائفي والمذهبي في المنطقة العربية سوف يتلاشى تمامًا أو على الأقل جزئيًّا بتوحيد المشتركات القومية على الأراضي الواحدة، وهي ما يعرف بقاعدة المواطنة.