في معرض " الأبد هو الأن " " 14 فناناً مصرياً وعربياً وأجنبياً يبدعون في رحاب منطقة الأهرامات
في نسخته الثالثة على التوالي إنطلقت فعاليات المعرض الدولي السنوي " الأبد هوالأن " ، بمنطقة أهرامات الجيزة والهضبة المحيطة بها، والذي تنظمه مؤسسة " كلتشرفيتور-آرت دي إيجيبت" تحت رعاية وزارت السياحة والآثار والخارجية والثقافة واللجنة الوطنية المصرية لمنظمة اليونسكو، ويجمع المعرض العالمي 14 فنانًا من مصر وعدد من الدول العربية والأجنبية من مختلف دول العالم، للاشتباك فنيًا مع أحد أعرق المعالم التاريخية، وتقديم أعمالًا فنية معاصرة تعتمد على المزج بين الحاضر والماضي، وتحاكي في الوقت ذاته التاريخ والأرض والبيئة والإنسانية .
وأقتصر إفتتاح النسخة الثالثة من المعرض علي جولة للصحفيين والإعلاميين من مختلف وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية، لإتاحة الفرصة لهم للاطلاع عن قرب على الأعمال الفنية ونقلها للجمهور بكل مصداقية، فيما قدم الفنانين المشاركين في المعرض خلال الجولة شرحًا مفصلًا عن أعمالهم من الفن المعاصر والتركيبات النحتية، من بينها مجسم هندسي للفنان ديونيسيوس بعنوان "تأمل في الضوء"، الذي اعتمد فيه على توجيهات الذكاء الاصطناعي .
( إمرأة مصرية )
وأبدعت الفنانة كارول فيويرمان بالتقنية الواقعية فائقة الدقة بمنحوتة " إمرأة مصرية " مستوحاة من هيئة الألهة " حتحور " ، آلهة مصر القديمة للحب والخصوبة؛ إلي جانب أجزاء من متاهة للفنان راشد آل خليفة، تبرز من الأرض بزوايا متفاوتة، ومنقوش على كلٍ منها زخارف مستوحاة من كتاب "برج بابل" للعالم اليسوعي أثناسيوس كيرشر عام 1679؛ وغيرها من الأعمال الفنية المعاصرة التي تتنوع ما بين "ألياف زجاجية، صلب، حجر، رخام"؛ لتقديم تجربة مفعمة بالفن، ومقترنة بمواد كلھا صديقة للبيئة .
صرحت نادين عبد الغفار، مؤسسة " كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت" قائلة:" حقق معرض "الآبد هو الآن"، منذ إنطلاق النسخة الأولى منه نجاحاً باهراً في جذب الاهتمام للفن المعاصر، وهذا العام يطرح المعرض تساؤلًا عن المرحلة الجديدة من التكنولوجيا والتغيير الثقافي التي يمر بها العالم، من خلال الجمع بين التراث الثقافي، وبين التنوع الغني لممارسات الفن المعاصر.
ولقد صُمّم المعرض لتتبع استمرارية الموضوعات التي تمتد من أساطير الماضي إلى الحاضر، بالإضافة إلى الأمل والحلم بمستقبل الإنسانية، فيما يسلط المعرض الضوء أيضًا على أهمية التبادل الثقافي بين الفنانين، وليظهر مكانة الإبداع البشري في قلب التاريخ النابض والحضارة المصرية القديمة، لا سيما مع تقديم أكبر مجموعة من الأعمال الفنية لفنانين محليين ودوليين، في خطوة بالتأكيد ستساهم في الترويج للسياحة المصرية".
( 14 فناناً )
ويشارك في النسخة الثالثة من معرض «الأبد هو الآن» ١٤ فنانًا محليًا وعالميًا، وهم: البلجيكي آرني كوينز، والبرازيلي آرثر ليسشر، الإماراتية عزة القبيسي، الأمريكية كارول فيويرمان، اليونانيان ديونيسيوس وكوستاس فاروتسوس، الفرنسيان جي ار وستيفان بروير، والمصري محمد بنوي، والأرجنتينية بيلار زيتا، والبحريني راشد آل خليفة، والسعودي راشد الشعشعي، والهولندية سابين مارسيليس، والمصري البريطاني سام شندي .
وعبّر الفنانون المشاركون بالمعرض عن أهمية هذا الحدث العالمي، متمنين أن تحظى أعمالهم الفنية بردود فعل إيجابية ومحفّزة، من بينهم، الفنان المصري محمد بنوي، قائلًا: "سعيد جدًا بالمشاركة في معرض "الأبد هو الآن" ، والذي حقق نجاحًا كبيرًا على المستوى المحلي والدولي بالنسختين السابقتين، وهي مغامرة مثيرة لعرض عملي الفني مع حضارتنا العظيمة في أهم منطقة أثرية في العالم .
وأضاف : "العمل تحت اسم " كما فوق، كما تحت"، العبارة التي جاءت في الواح الزمرد التي كتبها الإله تحوت، وهي عبارة عن مفاتيح تتحدث إلينا من مستوى الروح، وليس من مستوى العقل، فالعالم المادي هو صورة من عالم أخر موجود في بُعدٍ أخر، ومصر السفلى هي مصر الموجودة على الأرض، والتي نعيش فيها تجربتنا في العالم المادي، ومصر العليا هي نسخة أخرى من مصر موجودة في عالم آخر أثيري .
( الداخل والخارج )
أما الفنان الفرنسي "جي آر " الذي يشارك في المعرض من نسخته الاولي، يقدم هذا العام مشروعا فنيا مختلفا تحت عنوان "من الداخل إلى الخارج" فهي عبارة عن منصة تساعد المجتمعات في جميع أنحاء العالم على الدفاع عما يؤمنون به، وإثارة التغيير العالمي محليًا من خلال الأعمال الفنية العامة، ويمكن لأي شخص في العالم إنشاء "حركة من الداخل إلى الخارج"، من خلال عرض صور بالأبيض والأسود على نطاق واسع لأعضاء مجتمعهم في الأماكن العامة .
" تأمل في ضوء " هو اسم المشروع الذي يشارك به الفنان اليوناني ديونيسيوس والذي يعتبر أن العرض عند الأهرامات حدث أكبر بكثير من مجرد إنجاز على المستوى الفني أو الاحترافي قائلا : "الأمر يتجاوز تقديم أعمالي في مكان مرموق، إنها لحظة غاية في العمق بالنسبة لي، إن رؤية جزء من ذاتي أمام الأهرامات، والسماح للجميع برؤية أنفسهم من خلال عملي أيضًا، هو أمر عاطفي ويؤدي إلى تحول في الحياة، فالتاريخ يلتقي بالمستقبل وأنا موجود بالفعل أثناء حدوث ذلك .
( أفق )
ومن اليونان أيضا يشارك الفنان كوستاس فاروتسوس من خلال مشروع "أفق" والذي يركز على العلاقة بين نهر النيل وهضبة الأهرامات، ويؤكد على اهميتها للعالم، قائلا : "يتحدد هذا الأفق الجديد من خلال ثماني دوائر يدور فيها العالم، أن القبة السماوية ودورة الحياة التي يتم التعبير عنها من خلال الشكل الهندسي للدائرة، هي مفاهيم مرتبطة بهندسة الأهرامات وتاريخها، إن أهمية العمل الفني هي عبارة عن اتصال بين جميع العناصر الطبيعية للمنطقة المحيطة، فبالنسبة لي كان أفق دائمًا بمثابة تنبؤ بالمستقبل .
وقال الفنان البحريني راشد آل خليفة: "أنا في غاية الامتنان لفرصة أن أكون جزءًا من النسخة الثالثة لمعرض "الأبد هو الآن"، بمشروعي الفني "الواقع لا زمان له" المستوحي من عظمة مصر، حيث أن إمكانية تقديم هذا المشروع بالقرب من إحدى عجائب الدنيا القديمة، إلى جانب هؤلاء الفنانين المتميزين، هو حلم بالفعل، مما يجعلني أشعر ببالغ التقدير، وأتمنى فقط أن يشعر المرء كما لو أنه متواجد في لحظة "خالدة" عند رؤية المشروع والتفاعل معه، حيث يلتقي الماضى والحاضر والمستقبل.
( الألهة حتحور )
ومن أمريكا شاركت الفنانة التشكيلية "كارول فيورمان" بمشروع "إمراه مصرية في هيئة الإلهة حتحور" وقالت : "لقد ابتكرت هذه القطعة خصيصًا للنسخة الثالثة من معرض الأبد هو الآن، ومن منطلق شغفي بالمفهوم العميق الذي تجسده، فهذا العمل الفني يمثل تفسيري الشخصي لحتحور، حيث تم تصويرها على أنها امرأة معاصرة تلخص جوهر الإلهة .
أما الفنان السعودي راشد الشعشعي فقال : المشروع الفني الذي أقدمه والمجهز خصيصًا للموقع يمثل رقصة بين الماضي والحاضر، مما يغشي الخطوط الفاصلة بين التقليدية والحديثة، ويجدد تصوراتنا للفن والتراث والعلوم والممارسات المستدامة، تحت عنوان "الهرم الشفاف" والمستخدم فيه نسيج الخوص، وهي حرفة قديمة من مصر ، مع تقديم تفسير معاصر لتأثيرها على عمليات التنمية في منطقتنا، وتأكيدًا على قيمة الحفاظ على الأساليب التقليدية مع تبني الابتكار والإبداع .
من هولندا تشارك الفنانة التشكيلية سابين مارسيليس بالمشروع الفني "رع" وأكدت إنها في منتهى الحماس ويغمرها الشرف لتمكنها من تقديم عمل فني في مثل هذا الموقع المتميز، وأشارت "استلهمت القيام بأعمالي التركيبية بشكل خاص من الشمس، فإن هذا الموقع يشكل معنى خاص جدا بالنسبة لي" .
وأكد الفنان الفرنسي ستيفان بروير بأنه سعيد بعرض قطعته الفنية " معبد " لأول مرة عند سفح الأهرامات ، وقال المعبد مأخوذ عن فكرة أمنية الخلود عند القدماء المصريين، وهو ما تخبرنا به عجائبهم الأثرية ، وهي آثار مادية عن وجودهم، فـ "معبد " ليس نصباً مادياً يحتفل بملك واحد ، ، كما كان الحال في العصور القديمة، فيبدو المثلث الذهبي المقلوب وكأنه يطفو في الفضاء مثل الظهور الإلهي، وينقل رؤية مادية ومعنوية شديدة القوة لضوء نقي .
( معبد الشبح )
بينما قدم المصري – البريطاني سام شندي فكرة اخري تحت اسم " معبد الشبح" وقال "لقد تركت الحضارة المصرية القديمة بصمة على الأرض، تُظهر أن الخيال يمكن أن يأخذك إلى ما هو أبعد من الزمن، قد لا تكون البقايا المادية في كامل مجدها، ولكن يمكننا أن نرى القوة والعنفوان من خلال وجودهم، يمكننا أن نتخيل الصروح التي لم تعد موجودة، ويمكننا أن نشعر بالطاقة والروح التي تشع في الغلاف الجوي"، تمثل أعمال شندي النحتية جسرا بين الماضي والمستقبل .
وأشارت الأرجنتينية بيلار زيتا أن مشرو عها الفني "بوابة المرآة" نفذته بإعتبارها فنانة مفتونة بالثقافة المصرية، وملهمة بالتصوف القديم في مصر، حيث تحمل هذه البوابة أهمية كبيرة بالنسبة لها، وقالت " هذه البوابة بمثابة تذكير بجاذبيتها الغامضة وبوابة متعددة الأبعاد بين الزمان والمكان، فهي بوابة من الحجر الجيري ، تعكس تقارب المواد الطبيعية والاصطناعية في عصر ما بعد الصناعة .
وبجوار التركيب، يوجد هرم من الحجر الجيري وكرة يخلقان تباينًا بين العوالم الزمنية، ويؤدي مسار رقعة الشطرنج، وهو رمز للازدواجية، إلى مرآة بيضاوية، ترمز إلى إمكانات كل الأشياء واستكشاف العقل الباطن لدى الفرد، فعندما يرى المشاهدون انعكاساتهم داخل الأهرامات، سيلمحون الإمكانيات اللانهائية للخالق في الأساطير المصرية، حيث تم تصوير تحوت على أنه طائر أبو منجل .
ومن الأرجنتين إلي الإمارات تشارك الفنانة التشكيلية " عزة القبيسي" بالعمل الفني "كنوز" قائلة "يمثل هذا العمل بالنسبة لي رحلة تلتقط بسهولة أسرار وأشكال وأنماط وتضاريس المناظر الطبيعية الصحراوية جنبًا إلى جنب مع الذكريات الثقافية والقصص والزخارف من الماضي، يستخدم العمل مواد تعكس الطبيعة المحيطة من خلال الألوان الترابية المستلهمة من الجذور العميقة لتراثنا، فهو يسمح للمشاهدين بالانغماس في تجربة المشي بين العمل الفني وخطوط الكثبان الرملية للوصول إلى الهرم .
( بوابة النور )
أما مشروع "بوابة النور" للفنان التشكيلي البلجيكي آرنيه كوينز فقال : "أقدم من خلال هذا العمل وجهة نظر بديلة لأهرامات الجيزة، فهو قطعة فنية أستكشف فيها الديناميكيات بين قوة الطبيعة وهشاشتها، حيث يشير إلي الثقافة المصرية القديمة والغنية التي لعبت فيها الشمس دائمًا دورًا مهمًا، فالعمل يتناول الشمس كونها العنصر الأساسي لكل أشكال الحياة، من خلال إطار دائري منحوت، ففني يعبر عن كيفية إدراكي للطبيعة .
وعلي الرغم من اعتذاره عن الحضور لظروف خاصة إلا أن الفنان التشكيلي الأرجنتيني "آرثر ليشر" قال في رسالة خاصة لجمهور معرض "الأبد هو الآن" عن مشاركته بعمل بعنوان "المرصد": "أنا سعيد جدًا بإنتاج هذا العمل ليعرض علي هضبة الأهرامات، حيث تتضح المرجعية إلى مصر القديمة بشدة في بحثي الحالي، لأنني مهتم بدراسة العلاقة بين البشر وموقعهم في الكون، ولطالما مثلت الأهرامات انعكاسا ملموما لتلك العلاقة منذ آلاف السنين، وكانت وسيلة لربط علاقتنا بالكون بشكل رمزي وفعلي من خلال الفن والهندسة المعمارية