عالم زائف جدا
لكل عصر سماته ولكل زمن ما يُميز به ولكل حقبه ما تتذكرها به فلا شيء يدوم على ظهر هذا الكوكب فهو يدور وتدور عليه ومعه الأمم والاحداث والحضارات وما يتبقى سواءً من الزمن الغابر او الماضي القريب ما هو إلا ذكريات وقصصا نرويها عن جمال ما فات او عن قبح ما مضى! اما عما نعيشه اليوم في عالمنا وما يتميز به عصرنا وحقبتنا هو الزيف والمظهرية الخادعة فبعد ما وصلنا اليه من علم ومن تقنيه لم يصل إليها من سبقونا بكل تأكيد كان بالأجدر بنا ان نزداد صدقا وشفافية ووضوحا، ولكن ما نتمناه قد يظل حلما راقدا في وجداننا حلما قد لا يقدر له ان يعيش ولو ليوما واحدا، فاضحينا نعيش في عالم مزور ومُجمل خادع جدا ولا يمت بصله للجمال كما انه لا يحمل صفة الصدق الذي هو جوهر كل إنسانية وعماد كل دين ومجد كل فلسفة وحضارة، لا تتعجب فما تراه في ذلك العصر ليس حقيقيا حقيقة مطلقة ولا كاملة فلا يوجد حقيقة مطلقة او كاملة قي هذا الكوكب إلا القليل جدا منها! ومن ضمن تلك الحقائق أنك موجود وتقرا هذه الكلمات الان! حتى هذه الكلمات قد لا تحمل الحقيقة الكاملة فهي مجرد وجهة نظر ولكل وجهة ورؤية حدودها وقصرها او حدتها وبصرها وبصيرتها أيضا، فلا تصدق كل ما تسمع او كل ما ترى او حتى كل ما تتناوله في طعامك وتغذي به جسدك!! فالجبن الأبيض الذي تتناوله اليوم على فطورك ليس جبنا في معظمه بل يحتوي على الدهون النباتية المهدرجة من زيوت رخيصة كالنخيل ومثيلاته فهذا فطور المرض والزيف، لا تتعجب قد حدثتك قبلا انه عالم زائف وعصر مخادع!! اما عن اللحوم المصنعة مثل البيف ومثيلاته فهي ابعد ما تكون عن اللحوم فهي مزيج من فول الصويا ومكسبات طعم اما عن لونها الأحمر فهو أيضا زائف فهو لون صناعي يضاف حتى تنخدع عينيك بانها لحوم حمراء لا غش فيها وهي بالحقيقة وجبات الزيف والمرض فهي في معظمها اكلات ووجبات زائفة تحمل سمه عالمنا وبصمة الحقبة التي نعيشها الان! اما عن جميلات السينما والسوبر ستار فمعظمهن أيضا يحملن الزيف فشعرهن ليس بأصفر كما ان لون بشرتهن ليس على ما تظنه فهي تحمل اكوام من الألوان الصناعية من كل صنفا ونوعا! اما عن الشفاه الحمراء فهي أيضا ليست بحمراء كما انه قد يتم نفخها أيضا وارجو ان تعذرني فلن اتحدث عن باقي التفاصيل فكلنا نعلمها كما ان الرقابة لن تسمح لي بالنشر او الوصف أكثر! بل ان الطبيعة تخبرنا كل يوم وتعلمنا بان هناك زيف وتزوير بيٌن وصاخب وواضح أيضا فيظن البعض ان القمر أكبر حجما من الشمس فهو يكسفها تماما ويخفيها عن النظر بيد ان القمر صغيرا وتافها مقارنة مع شمسنا ولكنه يخدعنا ذلك القمر او هكذا ظنناه نحن! أما عن ضوء بعض النجوم الخافت فهو يصل لعينيك بعد ان تكون قد تحولت هذه النجوم لثقوب سوداء او انها ماتت ودفنت منذ ملايين السنين وفقط ضوئها وطأ الأرض للتو عندما نظرته عيناك فما تتأمل فيه وتنظر جماله لم يعد موجودا الان! اما عن المجتمع الذي نعيشه فحدث ولا حرج فالطبيب الذي ينصحك بان تكف عن السجائر قد يكون هو نفسه مدمنا لها، ومن يدعي الفضيلة بشكل صاخب قد يكون عربيدا الا من رحم ربي! فأي مجتمع لا يحمل ما يميز عصره؟؟ فالزيف قد يكون قريبا منك الان بل من الممكن ان ترتاده كل يوم وتقوده فعندما تتباهي بقيادتك لسيارتك الحديثة وتكسر سرعة المائة وسبعون كيلو مترا في الساعة متباهيا ومتباريا فلك ان تعلم انها سرعة زائفة تماما فانت في الحقيقة تسير بسرعات أكبر من ذلك بكثير فعداد السرعة يخدعك يا صديقي فهو زائف تماما، فسياراتك تسير بهذه السرعة بينما تحملك الكرة الأرضية وتنطلق بك حول الشمس بسرعات جبارة بينما تجر الشمس الأرض جرا لتدور بها بسرعات هائلة حول مركز المجرة بينما المجرة ذاتها تتحرك بسرعة هي الأخرى في رحاب الكون، كما ان الكون هو الاخر يتوسع ويتمدد كل يوم بل وكل ثانية فأرجوك لا تصدق عدادك مرة أخرى فهو زائفا تماما مثل العصر والحقبة التي انتجته! وما تسمعه على اليوتيوب او ما تراه من فيديوهات فما هو إلا عبارة عن نبضات ولغات برمجية للحاسوب ليس أكثر فما تراه عيناك من أفلام ورقص ليس إلا نبضات وبرمجيات في الحقيقة هي نبضات تحمل الزيف الذي تراه ويدمنه عقلك، وأخيرا لكي تنجو من هذا العالم يتوجب عليك ان تحمل الصدق في داخلك وفي قلبك ووجدانك فالصدق هو جوهر الإنسانية ومجدها، الصدق مع نفسك ومع الغير لتدرك زيف هذا العالم وانه لمنتهي وغير دائم وما يتبقى منه ذكريات قد تحمل الصدق او تكون زائفة هي الأخرى!! وأخيرا لا تتباهي بعداد سياراتك مرة أخرى فالأرض تسير أسرع منك ولا تتباهي مثلك فهي موضوعة تحت يد الله جل شأنه وتعرف حجمها فتخضع وتتضع لله سبحانه، كما يتوجب عليك انت أيضا ذلك!
