القمة التي فضحت الكرة المصرية
الخميس 27-02-2020
11:59 ص
لم أكن أتوقع أن يأتي اليوم الذي نشاهد فيه مسرحية هزلية في مباراة قمة بين الأهلي والزمالك يفترض أنها أحد أهم إيقونات الكرة المصرية ذات الشهرة العالمية وليس داخل مصر فقط، وبخاصة أن مسرحية "قمة الأتوبيس وقضاء الحاجة" كما وصفها الإعلام جاءت بعد أحداث أخرى سلبية للغاية في أعقاب مباراة السوبر المصري بالإمارات، لتتحول مباراتي القمة خلال 4 أيام فقط إلى سمعة سيئة للكرة المصرية أمام العالم.
هل آن الأوان لتنهض الدولة للدفاع عن أهم قوة ناعمة للشعب المصري وهي كرة القدم، الشئ الوحيد الذي يجمع الشعب المصري بمختلف أطيافه وطبقاته؟ هل آن الأوان ليعود الإستقرار إلى اللعبة الشعبية الأولى وتعود الكرة التي هي الماء والهواء للشعب المصري والسلوى له إلى سابق عهدها.
أزمة القمة الأخيرة لم تحدث من قبل في التاريخ حتى عندما إنسحب الزمالك منها مرتين من قبل موسم 1995-1996 قبل نهاية اللقاء بدقيقتين نتيجة إحتساب الهدف الثاني للأهلي الذي سجله حسام حسن ويومها وقع الإتحاد غرامة قدرها 150 ألف جنيه، ولم يتم خصم نقاط.
وفي المرة الثانية في موسم 1998- 1999 إنسحب الزمالك من مباراة القمة بعد مرور 4 دقائق فقط نتيجة طرد الحكم الفرنسي مارك باتا وقتها لأيمن عبد العزيز لاعب الزمالك مما أدى إلى خسارته للمباراة 2-صفر وقتها.
ولكن الإنسحاب الأخير كان الأول تاريخيا الذي يشهد عدم حضور أحد الفريقين من الأساس إلى ملعب المباراة، في مشهد أساء للكرة المصرية بشكل مذري وصحبه إنتقاد شديد من كل متابعي القمة خارج مصر.
في الفترة الأخيرة تم إنتقاد إتحادات الكرة المتعاقبة كثيرا بسبب عدم وجود أجندة ثابتة ومحترمة للمباريات ، لذلك كانت اللجنة الخماسية للإتحاد على المحك بحكم أنها كما ذكرت مرارا في هذا المكان هي لجنة مجردة من المصالح الشخصية أو تسديد الفواتير الإنتخابية لتعيد الهيبة إلى جدول المسابقة.
والحقيقة أنني على مر الزمان من أشد المؤيدين لإنتظام المسابقة وعدم عودة مراجيح التأجيلات كما كان يحدث من قبل، ولم أساند مطلقا طلبات أي فريق سواء أكان الأهلي أو الزمالك لتأجيل المباريات حتى يعود الإحترام للدوري كما يحدث في كل الدول الأوروبية، لذلك فقد كانت أهم النقاط التي لاحظتها هي تفاعل بعض جماهير الزمالك مع الأمر على أنه تحامل للإعلام ضد الزمالك، في الوقت الذي لم يتعامل فيه بنفس المنطق مع إنسحابات الأهلي السابقة ، وهذه هي عادتنا في أي موقف سلبي بإستعادة التاريخ السلبي بدلا من البحث عن علاج السلبيات.
المؤسف في الإنسحاب الأخير هو الطريقة التي تمت بها والتي لا تصلح حتى لعصر الجاهلية بطريقة التفكير الرجعي أولا بإيهام الجماهير أن الزمالك سيلعب بالناشئين بدلا من الفريق الأول، ثم بالتخطيط المتخلف لمحاولة إعتبار عدم وصول الفريق هي حالة ضرورة قصوى نتيجة الحالة المرورية بسبب الأمطار، وهو التخطيط الذبي أحبطته قوات الأمن المصرية والتي رصدت مسار الأتوبيس الذي توقف في محطة بنزين ونزل منه اللاعبون لشراء الشيكولاته والمياه وقضاء الحاجة في مشهد مذري كشفته أيضا الشركة المالكة للأتوبيس.
المؤسف أكثر في تلك المسرحية الهزلية كان في الخسائر المالية الفادحة نتيجة عدم بث المباريات وضياع حقوق الإعلانات والرعاة في أهم مباراة تسويقية للكرة المصرية.
هل ننجح بعد كل ذلك في إنفاذ ماء وجه الكرة المصرية أمام العالم ونتخلص من كل هذه الأمراض؟؟