العثمانلي وساكن الجزيرة
كان المنزل القديم الكائن بناصية ذلك الشارع يتألف من ثلاثة طوابق يقطنها ثلاثة اخوة كان اكبرهم سنا ومقدرة وسطوة يقطن الدور الأخير بينما الأخ الاصغر غير الشقيق يسكن الدور الأرضي يتوسطهم اخوهم، وكان المنزل يحمل اثار التاريخ وعبق الحضارة كما كانت جنبات المنزل تحوي وتأوي الاخوة غير الاشقاء عبر كل هذه السنوات،
كان الأخ الأكبر شاغر الدور الأخير بالكاد تصل له المياه التي تدبر احتياجه واحتياجات أبنائه الاخذين في النمو والأكثر عددا في ذلك المنزل القديم بينما كان الأخ الذي كان يشغل الدور الأرضي ينعم بوفرة وبضغط قوي من الماء فاخذ ذلك الصغير يلهو بها معتبرا نفسه مالكا شرعيا لها فتارة يرش مدخل المنزل وتارة أخرى يزرع نباتات الزينة،
وهكذا مرت الأيام والسنون مثلها مثل سابقتها من الأيام إلى ان عبث أحدهم في عقل الأخ الأصغر لتشييد حوض استحمام ضخم يلهو فيه أبناء الأخ الأصغر قاطن الدور الأرضي وكانت الحجة بان يشعر أبنائه بالرفاهية والتنمية ولما لا فالمياه هنا وافرة وواعدة وكانت المشكلة هنا تكمن في غضب الأخ الأكبر الذي قد يتأثر حجم المياه التي تصله بسبب ملء الحوض فذهب البعض ليحذر الأخ الأصغر من البدء في حفر الحوض ونصحوه بالتأني ليتحين الفرصة لذلك!
وهكذا سارت الأيام حتى حل العام ألفان وأحد عشر حيث بدا الصوت عاليا بالدور الأخير بين أبناء الأخ الأكبر ما عسى ان يكون هذا هكذا سال الأخ الأصغر مستفسرا؟؟
كان الدور الأخير حافلا في ذلك العام على ما يبدو بشجار عائليا عنيفا قد دب بين أبناء الأخ الأكبر قاطني الدور الأخير حيث كان الصوت على مرأي ومسمع الشارع كله فقد كان ربيعا أخويا او هكذا سموه بالربيع العربي،
كانت الفرصة رائعة لحفر الحوض هكذا اوعز أعداء الأخ الأكبر للأخ الأصغر انها فرصة ذهبية ولن تتكرر حيث كان الأخ الأكبر منشغلا بالصلح بين أبنائه وتهدئتهم وإعادة ترتيب بيته واصطياد ما به من فئران قد تسربت إلى ردهته اثناء خلاف أبنائه،
بينما لاحت الفرصة للأخ الأصغر لبدء حفر الحوض ولكن كان ينقصه المال والتمويل فهو الافقر والاضعف بين اخوته فسارع بدعمه أعداء الأخ الأكبر وحاسدوه مصرحين للأخ الأصغر بانه لا توجد مشكله فها المال وها المعدات وهكذا تم حفر الحوض كما تم عمل وصلة المواسير الخاصة بملئه،
وبعدما انتهى خلاف أبناء الأخ الأكبر قاطني الدور الأخير وبعدما أنتهى ما أطلق عليه آنذاك الربيع العربي وبعد ان نجح الأخ الأكبر بترتيب منزله اندهش أبنائه من وجود حوضا محفورا وجاهزا للملء بالدور الأرضي!
سارع الأخ الأكبر الذي كان مفتول العضلات وهو ذو العقل الأرجح بالمنزل بشهادة كل ساكني الحي بالنزول لعتاب اخيه الأصغر غير الشقيق ما عسى ان يكون هذا؟
فكان رد اخوه صادما لا تقلق سأملئ الحوض بدون ان تتأثر حصتك المائية!
لم يجد الأخ الأكبر سوى كبير الشارع يشكي له الوضع غير المريح فمن غير المعقول ان يلهو ساكن الدور الأرضي بالماء بينما يعطش أبناء الأخ الكبير القاطن للدور الأخير،فسارع كبير الحي بالدعوة للهدوء والجلوس للتفاوض ولكن بلا جدوى فالأخ الصغير مدعوم من أعداء أخيه الكبير مما ساهم في تعصيه وتعصبه من جهة أخيه الأكبر.
فحدث آنذاك تحرك من ألد أعداء الأخ الكبير وكان عثمانلي فأستجر هذا العدو او بأكثر تدقيق احتل شقة مجاورة لشقة الأخ الأكبر من الجهة الغريبة نكاية في الأخ الأكبر الذي كان عالما بمكره وسوء نيته فخاطب اياه بل بالأحرى هدده بحزم من الاقتراب من حدود منزله راسما له خطا احمر يُمنع تجاوزه فلبث ذلك العدو العثمانلي مرعوبا بأحد الحجرات المجاورة دون ان يتجرأ بان يحتل باقي الوحدة السكنية التي استأجرها.
,بينما سارع عدوا اخر للأخ الأكبر يقطن بشارع قريب من منزل الاخوة ويسكن كشكًا صغيرًا محاط بالشوارع من كل جانب كجزيرة صغيرة يقاس حجمها ومساحتها بحجم خزانة في منزل الأخ الأكبر ,قام هذا العدو بعمل شاشة ضخمة للأخبار للرأي وللرأي الاخر حتى ان مساحة شاشته فاقت مساحة الكشك خاصته انها قناة إخبارية تعكس كل ما يعكر صفو الاخوة انها شاشة مسعورة يفوق نباح صوتها صوت ساكن ذلك الكشك بمراحل،
كما أرسل نفس الأعداء العثمانلي وساكن الجزيرة بعض الصبية عبر الانفاق الشرقية لهدم بيت الأخ الأكبر فلم يقووا عليه هؤلاء الجرذان وأقصى ما فعوله هو القاء الحجارة على نافذته فتشرخ زجاجها بينما امسك أبناء الأخ الاكبر هؤلاء الصبية ودفنوهم،
كان الأخ الأكبر مفتول العضلات صاحب السطوة والشرف غزير الأبناء وعزيز الرجولة في حيرة من امره ماذا يفعل مع أولئك الخونة او ماذا يصنع حيال هذا الحوض البائس فهو محاصر من الغرب وبالشرق وأيضا تلك الشاشة الحمقاء التي لو نظر اليها أبنائه لهدموها مع كشكها،
فارتأت حكمة الأخ الأكبر الانتظار والتريث مهدئا أبنائه ومحاولا كظم غيظهم بينما لبث اعداءه مرعوبين حتى من صمته وتحذيره الشفوي لهم وكانت الحكمة الدائرة بين ساكني الحي ان للأخ الأكبر مهابة في صمته اقوى من نباح اعدائه ولكن إلى متى يستمر هذا الصمت هذا ما سوف تظهره لنا الأيام القادمة.