السعيد الورقي ومنهجية دراسة الأدب والنقد
إذا نظرت إلى دارس ومبدع وناقد أدبي كبير كالدكتور السعيد الورقي، الأستاذ في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، ستجده مثالا للأستاذ الجامعي الذي تستحق كتبه وأبحاثه في الأدب الحديث الجدارة بأن تقرر على الطلاب والباحثين، بحيث نرى خريجا درسها وثقفها، يشكل لبنة جميلة في بناء المجتمع، ويصبح عنصرا فاعلا في الحياة الثقافية، فعلى مدى عمله الأكاديمي اشتغل الرجل على أفرع الأدب الحديث قاطبة، ما جعل مؤلفاته تتسم بالتنوع، تنظيرا وتطبيقا، وكل منها يعد عملا علميا مستقلا وشاملا في بابه، وكأن الرجل أنجز في كل منها بمفرده رسالة أكاديمية، فلم يقتصر على إنجاز رسالتيه في الماجستير والدكتوراه فحسب، ثم جاءت بقية أعماله النقدية ليست عبارة عن مجرد مقالات ومتابعات نقدية متسمة بالطابع، أو الميسم الصحفي، كما نرى الآن في تحول أغلب الأساتذة إلى كتاب صحفيين، بحثا عن المادة والشهرة. أنجز الدكتور الورقي رسالته للماجستير عن "اتجاهات القصة المصرية القصيرة" في نهاية السبعينيات من القرن المنصرم، ثم أتبعها برسالة الدكتوراه عن "لغة الشعر العربي الحديث" عبر دراسته الفنية لهذه اللغة، وفي ميدان الأدب المسرحي أخرج لنا كتابه القيم عن "تطور البناء الفني في أدب المسرح العربي المعاصر"، وقبله درس الرواية العربية واتجاهاتها عبر كتابه القيم "اتجاهات الرواية العربية المعاصرة في مصر"، وكل هذه الدراسات جاءت تطبيقية، ونظرية أيضا، مستعينا بمعطيات المناهج الحديثة وعلوم النفس والجمال والفلسفة. وفي دراسته للأدب يؤكد على دور علم الجمال والفنون الإبداعية الأخرى وتأثيرها في الأدب، بمختلف أجناسه، كالفن التشكيلي والموسيقى وغيرها، يتجلى ذلك في دراسته عن "الرؤية الإبداعية في قصص يوسف إدريس" وهو من كتبه القيمة أيضا والتي تتضح فيها تجارب خبرته النقدية والإبداعية، بالاضافة إلى مؤلفه التطبيقي الرائع أيضا، وهو "دراسات نقدية"، والذي درس فيه النظرية التكاملية في النقد عند العقاد، والرواية عند توفيق الحكيم، وأدب عبدالرحمن الشرقاوي، ودراسته لأشعارمحمود حسن إسماعيل، فاروق جويدة، وعبدالله الفيصل. نرى أن منهج السعيد الورقي في دراسة الأدب والنقد، يعد منهجا ذا نظرة تكاملية شاملة، تنظر إلى الأدب في علاقاته المتشابكة بكل الفنون الإبداعية الأخرى، الزمانية والمكانية، عبر أنساقها الثقافية المتعددة، وتحولاتها البنائية وعوالمها المتغيرة دوما. ليس ذلك فحسب، بل إن ما أشرنا إليه يتجلى أيضا، في إبداعه القصصي، فقد أخرج مجموعات قصصية نذكر منها: رحلة في منتصف الليل، واليتيم، وإيقاعات حزينة في زمن الموت، ومشاهد من زمن الغربة.