التربية ج (٧)
الخميس 31-03-2022
10:55 ص
نستكمل سوياً أسس الترببة النفسية وقواعد الترببة بشكل عام لخلق نشء سوي في مجتمع متكامل:
12- الثواب والعقاب ووضع الضوابط بالتربية:-
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصف عبد الله وعبيد الله وكثيراً من بني العباس ويقول:-
(من سبق إلي فله كذا وكذا – جائزة - فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم).
والفكرة الأساسية التي يعمل عليها الفكر الإسلامي هي فكرة الثواب والعقاب وربط الحياة الروحية بالدنيوية. ومن هنا نرى أنها من أفضل الطرق من أجل جعل الطفل محباً للتعلم والتربية بحصوله على هدية كثواب، وفي نفس الوقت إن لم يفعل الصواب لن يحصل عليها كعقاب.
ويكون الثواب والعقاب بتوازن وبدون إتلاف أو إسراف مع النشء فلا يؤذيه كثرة الثواب والجوائز، ولا يحرمه كثرة العقاب من متع الحياة فلا يؤثر على نفسيته، ولا تربط الجائزة بالتحسن الصحي مثلا حتى لا يحدث للطفل عقدة تلازمه مدى الحياة لأن هذا شيء خارج إرادته.
ويكون هذا الأسلوب في مراحل قبل المراهقة لأن بالمراهقة يجب بناء الصداقة والتقارب قدر الإمكان مع الأبناء من قبل هذه المرحلة، واستخدام الثواب والعقاب معه في هذه المرحلة قد يؤدي إلى التصادم معه لأنه بمرحلة تمرد يجب فيها احتوائه وليس التصادم معه.
ومقصد العقاب ليس العقاب بوجه عام أو الضرب والإساءة أو الإهانة التي تؤذي الطفل جسدياً ونفسياً ويدمر ثقته في نفسه وتكسر عاطفته، ويحدث بها تصادم مع النشء وقد يؤثر عليه بصفات سلبية كالعنف أو الأنانية أو مستهتر ومدمر نفسياً وقد يتحول لشخص متقبل للكبت والاستبداد، فأي نوع من أنواع العنف الجسدي أو النفسي غير مقبول بالأساس لأثره السلبي على الأطفال. وإنما المقصد هو الحرمان من الثواب، وأيضاً على الأهل التفرقة بين العقاب والتربية بالتأديب ووضع الضوابط للطفل وقواعد لتنظيم حياته حتى يكون صاحب مسئولية وإنسان سوي يعتمد عليه بالإرشاد السليم.
فبدون الضوابط والمحاسبة عليها يحدث عكس ما نرجوه من التربية فبدلاً من تكوين إنسان سوي متحملاً للمسئولية متقبلاً للنقد سيتكون إنسان أناني غير مسئول لا يعي عواقب أفعاله ويكون دائم الإهمال ولا يملك شجاعة الاعتراف بالخطأ وتحمل نتيجة خطئه بل ولن يقبل بعد هذا أي تخطيء من أحد ويكون مستبد برأيه وفكره.
13- مشاركة الاهتمامات والدعم:-
نجد أنه عندما جلس النبي يواسي طفل مات عصفوره ويبكي معه عليه، فكان هذا موقف يؤكد على أساس مهم في التربية وهو أن يكون الأهل مشاركين مع أبنائهم في أفعالهم واهتماماتهم ليشعر الأطفال بالاهتمام وعدم التقليل منها ومشاركتهم الحديث والاستماع بإنتصات لهم وعدم التسفيه من اهتماماتهم وأفكارهم مهما كانت بسيطة.
وهذا يدفع الأطفال إلى التفاعل أكثر والنجاح في حياتهم ونشاطاتهم العلمية والأدبية والرياضية والثقافية. ويعملون على الاجتهاد الدائم في حياتهم، ومشاركة الاهتمام مع الجميع بطريقة جماعية تحفزهم على العمل الجماعي والإيجابية في المجتمع.
14- المرونة في التربية:-
مهم جداً المرونة في التعامل مع الأطفال فكل طفل غير الآخر في التعامل والتربية فمن يهدأ بكلمة غيره يهدأ بحرمانه من الهدية.
فالضوابط والقواعد في التربية مع ثبوتها إلا إنها تتمتع بمرونة عند التعامل، ولابد على الأهل أن يتمتعوا بها فما ينفع للتعامل مع طفل لا يصلح مع شقيقه والعكس.
15- حرية الرأي للطفل والاستماع له:-
ضرورة إعطاء الأطفال المساحة وحريتهم في التعبير عن رأيهم دون استبداد ولا تقليل لهم، وإتاحة النقاش لأي موضوع واحترام عقله وتفكيره والاستماع لأسئلته بحرية. واعطائهم حرية الاختيار واتخاذ القرار بالمشورة ليستفيد من تجاربه والمعرفة من خلالها مع عدم الاجبار على اتخاذ أي قرار، ويكون النقاش المفتوح هو المجال مع الأطفال واعطاءه مساحة التعبير مع حسن الاستماع له.
كما كان يفعل النبي بمجالسة الأطفال ومشاورتهم دون التقليل لرأيهم وإعطائهم مساحة للتعبير. فهذا يساعد في خلق إنسان غير مذبذب بل واثق برأيه ولا يخاف أن يعبر عن رأيه، ويكون متقبل للرأي الآخر وللخلاف.
وهذا يساعد على تكوين طفل ومجتمع غير مستبد ومستمع للآخرين بطريقة جيدة، ومساعد في التعامل السياسي والعمل العام والبناء في المجتمع. هذا غير أنه يكون متقبل للحوار وللرأي الآخر ومؤمن بحرية الرأي لكل فرد غيره، ويتعلم كيف يتعامل مع المخالفين له في الرأي وكيفية الحوار والتعبير عن فكره بحرية وبدون خوف والاستماع للآخرين واحترامهم لإثراء الحياة.
16- ليس كل ما يفعلونه خطأ:-
من المهم تربية الطفل وتصويب أخطائه ولكن بأسلوب لين لا ينتج عنه تدمير لثقة الطفل بنفسه وابتعاده عن المبادرة سواء في المدرسة أو البيت.
فالطفل إذا أجاب وكان جوابه خطأ على المربي أو الأهل أن يشعروا الطفل أنه من الطبيعي أننا لا نعرف كل شيء والخطأ وارد من الجميع والإنسان يتعلم من أخطائه.
ومن المهم إحساس الطفل بأنه ذو فكر وقدرة على فعل شيء ما، وليس كل ما يفعله خطأ بل دفعه على التصرف والحديث لإعطائه الثقة في نفسه ولكن عندما يخطأ لا يكون رد الفعل بأن كل ما فعله خطأ وإنما هو صواب ويوجد ما هو أصوب منه وأفضل ولماذا يكون هذا هو الأصوب باستثناء الأفعال الخاطئة التي تحتاج توجيه سليم. وأن إجاباته وتفاعله مع شيءٍ ما بطريقة خاطئة لا يكون الرد دوماً من المربي خصوصاً بالمدارس أن هذا خطأ ولكن مثلاً أن هذا لسؤال آخر أو الأصح هو كذا. حتى يكون هذا دافع للطفل للتعلم والمعرفة وحتى لا تسبب اي ردة فعل سلبية من الأهل أو المدرس في إحراج الطفل.
ولا يجب استعمال الأوامر والنهي المستمر للطفل بطريقة آمرة باستمرار فهذا يخلقه ضعيف غير ذي قدرة على اتخاذ القرار أو تحمل المسؤولية. بل بالتشجيع على التفكير والتحاور والاستماع له وتعليمه أساب الخطأ الرفض وما الأفضل عند اتخاذ القرار.