الكورة والإنتماء ... للجماهير
عندما غابت الجماهير جبريا عن ملاعب كرة القدم في أعقاب توقف الكرة في يناير 2011 خرج عنوان كبير أطلقته جماهير الكرة في كل مكان بعنوان "الكورة للجماهير" وهو عنوان يعبر فعليا عن أهمية دور الجماهير في اللعبة الشعبية الأولى والتي إعتبرت الكرة هي أولا للجماهير قبل أي طرف آخر في المنظومة. لم يكن أحد يتخيل أن تقام يوما مباراة في كرة القدم وسط صفير المدرجات إلا في حالات الضرورة القصوى مثلما يمر العالم الآن في أزمة كورونا، ولكن في كل دول العالم الكبرى كرويا لا يمكنهم الإعتراف بمباراة تقام بدون جماهير وهو الأمر الذي تم تحت الظروف الجبرية التي يمر بها العالم الآن. ولكن الجماهير أضافت في الفترة الأخيرة عنوانا أشد قوة فيما تتمتع به دون باقي أطراف والمنظومة، وهو الإنتماء الذي تلاشى تمام أمام قوة وجبروت المادة في الفترة الأخيرة وأصبحت كل الإحتمالات موجودة طالما دخلت لغة الجنيه أو الدولار ليبقى الإنتماء في هذا العصر اللعين لعنصر واحد فقط من أطراف المنظومة ، وهو الجماهير. تخيلت تخيلا إفتراضيا أن أحدا عرض على مشجع يعشق الكرة وينتمي لفريقه مبلغا من المال ، قد يكون في حاجة إليه جدا، مقابل تشجيع الفريق المنافس ، أي مثلا لو عرضت على أهلاوي أن يشجع الزمالك ، أو على زملكاوي أن يشجع الأهلي لكان من المستحيل ، في وقت لو عرض فيه على لاعب ونجم في فريق قرشا واحدا زيادة عما يتقاضاه في ناديه لرحل في الحال دون أي قيود. هكذا أصبح حال الكرة في عصر المادة ففقدت اللعبة الشعبية أهم عناصرها وهو الإنتماء، فالتاريخ كتبه النجوم بالإنتماء لفرقهم التي فضلوها على كنوز الدنيا، ومن هنا سطر نجوم أمثال الخطيب وحسن شحاته ومصطفى عبده وفاروق جعفر وأبوتريكة ووائل جمعة أسماءهم في كتاب التاريخ بفضل هذا الإنتماء. لا أكتب هذا تعقيبا على قصة رمضان صبحي التي غطت الساحة مؤخرا، ولكنني أكتب عن العصر الذي زال فيه كل شئ أمام طغيان المادة. المادة هي التي جعلت رمضان ومن سبقوه، ولهم الحق بالطبع في إختيار مصيرهم، أن يتلاعبوا بمشاعر جماهيرهم وأن يخدعوا من هم في سن أجدادهم من أجل حفنة من المال. قد لا يكون عيبا في عصر إحتراف المادة أن يرحل لاعب عن ناديه ولكن العيب كل العيب أن يتم ذلك بلغة الخداع فتجعل اللاعب مهما كان قدره مكروها من جماهيره وإسألوا الحضري كيف حاله رغم كل إنجازاته مع الجماهير في كل قصة خديعة يقع فيها المسؤولون أمام هؤلاء اللاعبين لأن أحدا منهم لم يكن واضحا في إختياراته، ورمضان صبحي بصفة خاصة أوقع ناديه في مأزق حين وجه له السؤال صراحة، هل تختار البقاء في القلعة الحمراء أم تريد الرحيل، فكانت إجابته بالبقاء مما يعني إلغاء باقي خطط ضم لاعبين في مكانه ، ثم ظهر قراره في اليوم التالي بالرحيل. ليضع ناديه صاحب الفضل عليه في مأزق. أمام اللاعب خياران، إما صناعة المجد أو صناعة المادة ، وليس هناك من يتمكن من يجمع بين الصفتين وأظن الجيل الحالى أصبح يعلم تماما الفارق بين صناع المجد وصناع المادة، صناع المجد خالدون وصناع المادة إلى زوال Adwar10@hotmail.com