مصر وروسيا ما بعد سوخوى 35

الاثنين 18 مايو, 2020

مع نشر الموقع الرسمي للتعاقدات والمناقصات الحكومية الروسية zakupki في الثالث عشر من مايو الجارى إعلاناً عن المناقصة المُرتبطة بعقد مقاتلات التفوق الجوي الثقيلة المعروفة باسم (سو-35 Su-35 ) والمُوقع فى مارس 2018 بين ومصر روسيا بشأن توريد عدد من مقاتلات سو-35 لصالح سلاح الجو المصري (يتراوح العدد ما بين24-30 مقاتلة)، يجدد الحديث عن السياسة المصرية المتميزة في مجال بناء القدرات في مختلف المجالات سياسيا واقتصاديا وتنمويا وامنيا وكذلك عسكريا، إذ ان هذه الصفقة المزمع اتمامها خلال عامى 2020-2021، مع تسليم الدفعة الأولى من هذه المقاتلات خلال الربع الثالث أو الأخير من هذا العام، باحتساب عامل التأخير بسبب تفشي وباء كورونا، من شأن هذه الصفقة ان تعزز قدرات القوات الجوية المصرية، نظرا لما تتمتع به هذه المقاتلة من تفوق جوي يمكنها من تحقيق السيطرة الجوية المطلقة فوق مسرح العمليات، فضلا عن كونها مقاتلة ضاربة/قاذفة بعيدة المدى قادرة على إطلاق الصواريخ الجوالة والذخائر الذكية عالية الدقة من ارتفاعات شاهقة ومدايات بعيدة وسرعات فوق صوتية، وذلك كله طبقا لما يذكره الخبراء العسكريين. 
والحقيقة أن هذه الصفقة تحمل دلالتين مهمتين: الاولى، تتعلق بالتوجه المصرى نحو العمل على زيادة القدرات العسكرية المصرية في كافة الجوانب برا وبحرا وجوا، يؤكد على ذلك حجم الاتفاقات والصفقات التى وقعتها الدولة المصرية خلال الاعوام الست الماضية ليس فقط مع جانب دولى واحد وإنما تنوعت هذه الصفقات مع مختلف الدول، بما يعنى أن السياسة المصرية تبحث دوما عن التميز والتفرد في اقتناء المقاتلات التى تتناسب مع الاستراتيجية الوطنية للارتقاء بالقدرات العسكرية في مواجهة التهديدات المختلفة للامن القومى المصرى، مع الاخذ في الحسبان أن هذه التهديدات لا تقتصر فقط على بعدها العسكرى والامنى وإنما تشمل ابعادا أخرى حققت الدولة المصرية بما تحمله من رؤية بعيدة المدى كثيرا من نجاحات في مضمارها. اما الدلالة الثانية فتتعلق بمسار العلاقات المصرية الروسية الذى شهد تطورا مهما خلال الاعوام الماضية، ذلك المسار الذى شمل إلى جانب ابعادا عسكريا جوانب اقتصادية وتنموية عديدة، كان أبرزها الاتفاق الثنائى الموقع عام 2015 بشأن التعاون في بناء محطة الضبعة للطاقة النووية، حيث يأتى هذا الاتفاق في اطار تنفيذ مصر لبرنامجها النووي السلمي الهادف لتلبية احتياجاتها التنموية الاقتصادية والصناعية المتزايدة. 
ملخص القول إن التعاون المصري الروسى يمثل محور مهما في تحركات مصر خارجيا، وهو ما يتطلب ضرورة ان يحظى بمزيد من الاهتمام من الجانبين خاصة في ظل وجود العديد من الملفات ومحاور العمل المختلفة اقتصاديا وسياحيا وتنمويا وتعليميا يمكن ان تسهم في تعزيز مسار علاقاتهما، وهو ما يصب بلا شك في تحقيق مصالح البلدين في مواجهة التهديدات المشتركة التى لم تعد للدولة منفردة القدرة على مواجهتها ولعل في ازمة فيروس كورونا نموذجا لمثل هذه التهديدات المتزايدة يوما بعد يوم.