رأسماليتهم..!

السبت 11 أبريل, 2020

يبدو أن فيروس كورونا لم يأتِ ليغير خريطة العالم الجيوسياسية فحسب.. لكن ليغير العديد من المفاهيم البالية.. أولها ذلك المصطلح السخيف الذي بات دون معنى.. "رأسمالية وطنية". لكن أولا.. دعونا نتفق.. أن السوق المصري هو جنة حقيقية للمستثمرين من شتى بقاع الأرض.. انطلاقا من فهم حكومتنا الرشيدة لمعنى السوق الحر.. "كل واحد حر يفعل ما يريد".. فهو السوق الوحيد في العالم تقريبا الذي يفعل به أي تاجر ما يشاء دون رادع.. حبس سلع.. رفع أسعار دون مبرر.. تدني أجور.. احتكار.. غش.. تهرب ضريبي.. استغلال العمال.. فصلهم دون سبب.. إجبارهم على العمل لـ14 ساعة يوميا مقابل أقل من 150 دولارا شهريا.. تشغيلهم دون راحات أسبوعية أو إجازات مدفوعة.. أو مكافأة نهاية خدمة.. وبالتالي هو سوق مغرٍ لكل انتهازي كنز بعض المال ليضاعفه في سنوات إن لم تكن أشهرا معدودة.. ومن منظور آخر.. لهذا السوق فضل كبير على كل من عمل به، وليس العكس. لم أستغرب التصريحات الأخيرة لبعض من يسمون برجال أعمال.. " أعلم أن أغلبهم هكذا، الجديد فقط المجاهرة".. إلا أنها أكدت صحة وجهة نظري ، وهي أنه لا يجب أن تترك الدولة اقتصادها في يد حفنة من الأشخاص.. يفرون بما جمعوه مع أول حجر يلقى في الشارع.. ولابد أن يكون لها منشآتها الصناعية والزراعية والتجارية المساهمة الضخمة.. ليس عودة للقطاع العام بمفهومه السلبي.. ولكن عبر إدارة حديثة تعمل بروح القطاع الخاص وتعود الملكية كليا أو جزئيا للدولة.. وإن كان هذا لا يعني محاربة أو مزاحمة القطاع الخاص.. إلا أنه كفى تدليلا وابتزازا من أجل نظريات واهية.. ثبت خطؤها.. كما ثبت انتهاء ما كان يعرف في الماضي برأسمالية وطنية. فمن رأسمالية اليوم.. من اختبأ في منزله بالأسابيع.. و"من تحت لحافه" أطلّ علينا ليبتز الدولة مطالبا بخروج البسطاء لتنمية ثروته، وإلا ستخرب الدولة.. وأن تترك من يمرض منهم بلا علاج حتى الموت.. فعن أي وطنية تتحدثون.. وعن أي عقلية اقتصادية لا تدرك قيمة اليد العاملة أو الوطن تدافعون!. ورأينا من يرفض التبرع.. بعد كل ما أحدثه من "لا معقول" وأسعار مضاعفة واستحواذ على أموال الجمارك.. بل ومنهم من يدّعي كأي "بياع سريح" أنه لن يستطيع دفع المرتبات إن أعطى عماله إجازة أسبوعين.. فعن أي رأسمالية تتحدثون!. وباختصار مواجهة الوباء تتطلب إغلاقا كاملا لأسبوعين على الأقل.. وحكومة لديها مواردها الخاصة.. وقدرة حقيقية على الإنفاق في الأزمات "دون تسول ممن صنعتهم بيدها".. والسيطرة على الأسواق والتجار.. لقد آن الآوان أن يكون لمصر اقتصاد قوي راسخ يخدم الدولة والشعب.. والطريق واضح لمن أراد. eslam_elshafey@hotmail.com