كيف نعبر من عنق الزجاجة ؟.

الأربعاء 8 أبريل, 2020

تفرض علينا ازمة وباء "كورونا" واقعا فريدا لم نختبره مسبقا، واقعا قادرا على فرض تأثيراته على الاقتصاد والمجتمعات والانظمة الدول بنفس قدرته على التأثير فى سلامة البشر و تهديد أرواحهم، فتلك الازمة لا تشبه فى خصائصها او ظروفها ايا من مثيلاتها فى التاريخ الحديث سواء وبائيا او اقتصاديا.. يبدو الامر كإلقاء قنبلة نووية، فحينها لا مفر من التأثر بإنفجارها ، إذا لم يكن بالإنفجار فإذن بأثاره وتبعاته، فإذا لم تكن معدلات الأصابة والوفاة المرتفعة كانت معدلات الكساد والركود الاقتصادى، و كانت الأزمات المعيشية لملايين المواطنين والاخطار حول وظائفهم و قوت يومهم و الى ما اخره.. لذا فإن اى تعامل مع تلك الازمة بمنظور قاصر ومنفصل لإحدى تأثيراتها دون الأخرى من المؤكد انه سيكون غير واقعى او عملى ولن يساعد على تفادى خسائرها بأكبر قدر، فحماية الأرواح ليست بالضرورة تعنى توقف سير العمل والإنتاج بشكل كامل خاصة و انه ليس من المعلوم حتى الآن إلى متى يمكن أن تستمر تلك الازمة وتتطور، و إنقاذ الاقتصاد من الركود وتأثيراته السلبية لا يجب أن يكون على حساب أرواح المواطنين وسلامتهم، و بوضوح فإن الحديث هنا عن إنقاذ الاقتصاد بشكل عام و مؤسساته وحماية الاستثمار، و ليس عن حماية استمرار معدل ربحية المستثمرين وثروات بعض الأفراد فقط كما يظنها البعض اولوية فى تنصل واضح للمسؤلية الأجتماعية تجاه المجتمع و الاقتصاد، و تنصل أوضح تجاه ضوابط السوق و حقوق عناصر الإنتاج و على رأسها العاملين لدى هؤلاء المستثمرين، بشكل يستدعى تدخل الدولة بحزمة من القرارات والظوابط الرقابية تلزم المؤسسات والمستثمرين بمسؤليتهم وتضمن حقوق العاملين حيث أن الاعتماد على العنصر الاخلاقى فقط غير فعال. لذا فتلك الازمة تحتاج إلى حلول فريدة و مركبة بقدرها، حلول قادرة على ان توازن بين المصلحة الصحية العامة و المصلحة الاقتصادية و الاجتماعية، حلول واقعية قابلة للتطبيق تحمى حياة الناس و صحتهم بأكبر قدر دون ان تهدد المجتمع والدولة بالفقر والجوع والإفلاس.. حلول تشكل معادلتها إجابات لتفادى اخطار الوباء والركود على حد سواء.. وتبعا للأزمة و فرادتها فهناك داعى بالضرورة ان تكون المقترحات للحلول والقرارات بمشاركة و تآزر كل عناصر المجتمع والدولة من حكومة و قطاع اعمال عام و خاص و برلمان وممثلى العاملين والمجتمع المدنى بما يحتويه من نقابات واحزاب ومؤسسات وخبراء ومفكرين، وان الأمر يجب الا يكون فى يد طرف بعينه منفردا عن الجميع، ذلك ضمانا لحلول شاملة و فعالة و واقعية فى المقام الأول و تحظى بالقبول و التوافق بين الجميع ، وثانيا لتوفير القدرة على التطبيق بفاعلية وكفائة بمشاركة جماعية ومسؤلية مشتركة.. كما أن الازمة تشكل فرصة جيدة للتأسيس لقواعد نظم وسياسات افضل للمستقبل تتلافى عيوب الحالية التى تجلت آثارها وعيوبها بشكل واضح مع الازمة.. لذا فيما يتعلق بالملف الاقتصادى و ازمات السوق ومخاطر الركود التى أصبحت تمثل الوجه الثانى للتهديدات المباشرة لوباء كورونا، يجب أن تتم دراسة هذا الملف ونقاشه بمشاركة جميع العناصر المعنية و المتأثرة، بشكل يتم خلاله تقسيم الازمة لعدة مراحل و التوصل لحلول ومقترحات حسب كل مرحلة تصل لنقاط مقبولة لجميع الأطراف و تتضمن بشكل واضح: ١-التزام المؤسسات واصحابها بمسؤليتهم و واجبهم تجاه حقوق العاملين بها المادية والمعنوية والقانونية خاصة إننا مازلنا فى بداية الازمة. ٢- تحديد أولويات الإنتاج فى الوقت الحالى حسب الحاجة و التوجه بدعم القطاعات الضرورية و خفض طاقة الأعمال فى غير الضرورية. ٣ -إلزام رجال الأعمال و مؤسساتهم بمسؤليتهم الأجتماعية تجاه المجتمع و الاقتصاد و تحديد طرق فعالة لمساهمتهم الواجبة و مشاركتهم فى مواجهة الازمة. ٤- طرح خطة وآليات عمل يمكن من خلالها الحفاظ على استمرارية الأعمال بأفضل شكل وقدر ممكن، مع مراعاة الحماية الصحية للعاملين. ٥- بحث و تحديد بشكل سريع حلول فعالة لدعم اكبر المتأثرين من الأزمة إقتصاديا و اجتماعيا وهم قطاعات المشاريع المتوسطة و الصغيرة والمتناهية الصغر و العاملين باليوميات غير المشمولين بضمانات او حماية اجتماعية ".. ذلك مع الاشارة لأهمية ان تعيد الدولة تحديد أولوياتها فيما يتعلق بأوجه ومخصصات الإنفاق و الدعم خلال الفترة الحالية و موازنة العام المالى الجديد، والتوجه لمخاطبة المجتمع الدولى نحو مساعدة مصر فى مواجهة الازمة وإسقاط ديونها الخارجية حتى تتمكن من تخطى الازمة والاستفادة من احتياطيها النقدى.