٣ ساعات مع مصاب كورونا

الأحد 29 مارس, 2020

التقرب إلى الله والدعاء له بأن يزيل الكرب والغمة والابتلاء عن مصر وبلاد المسلمين، وأن يسلم مصر وأهلها من هذا الفيروس القاتل ، هي أفضل السبل، وخاصة بعد فشل كل محاولات العلم حتى الآن في إيجاد مصل لهذا الفيروس اللعين،الذى استطاع أن يعزل كل بلاد العالم، وأن يكشف حقيقة الدول الكبرى وعجزها عن مواجهته، وأن يبين معدن دول أخرى وعلى رأسها مصر والإجراءات التى اتخذتها لحماية أبنائها سواء بالداخل أو الخارج، وكيف مدت يد الدعم لدول كبرى مثل الصين وإيطاليا؟

 

في هذا المقال أحكى تجربة حصلت لى بالأمس، عندما كنت في زيارة عائلية لأسرة زوجتى، فبعد أقل من ساعتين من وصولنا للمنزل، كانت شقيقة زوجتى مصابة بدور برد شديد، وعند ارتفاع درجة الحرارة وتخطيها الـ38 درجة، الكل دخل في نفسه الشك والريبة حول إصابتها بفيروس كورونا، وسرعان ما تم اصطحابها بواسطة شقيقتها الكبرى لأقرب مستشفى، للتأكد من حقيقة الأمر.

 

وفى أقل من ربع ساعة وعند وصول الفتاة للمستشفى وإجراء بعض التحاليل المبدئية جاء الخبر بأنها أعراض كورونا، وعندها وجدت مشهد، أشبه بمشهد يوم القيامة، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه، هذا هو بالظبط ما حدث، الكل كان يخشى على نفسه، في أقل من دقائق معدودة الكل كان يبتعد عن الحجرة التي كانت تمكث بها الفتاة ، الأخت الكبرى  أسرعت لمنزلها وقامت بتعقيم نفسها وأبنائها، وزوجتى أسرعت تبحث عن نجلتنا لتبعد بها عن المنزل وتمكث في السيارة بعد أن قامت بالإجراءات العادية المتعلقة بغسيل اليدين واستخدام الكحول ورشه على اليدين والملابس وكافة أنحاء الجسم، وتسببت الصدمة للشقيق الأكبر للفتاه في الشلل التام عن التفكير لا يعرف ماذا يفعل، والأم لم تفعل شيء سوى البكاء في مكانها لا تستطيع الحركة.

الاتصالات كثيرة من شقيقات الفتاة المقيمين بالكويت والمنصورة، وأعصاب تقريبا منهارة الكل يكتفى بالبكاء ولكن الكل في مكانه، الكل يخشى الاقتراب، رغم ذلك كله لم تؤكد المستشفى حقيقة إصابتها أم لا وطلبت تحويلها لمستشفى الحميات لإجراء بعض التحاليل والإشاعات الأخرى للتأكد من كونه دور برد شديد أم كورونا، مشهد لا أستطيع أن أنساه وعند ذهابى للمستشفى الكل كان يبتعد إلا والد الفتاة الذى لم يخشى على نفسه من الإصابة رغم كبر سنه، فاصطحبها مسرعا إلى مستشفى الحميات، للتأكد وإجراء الفحوصات الباقية، وبعد حوالى ساعة ونصف من القلق والبكاء والحزن والأعصاب المنهارة ، الكل يفكر في نفسه، الكل ذهب مسرعا لإجراء تحاليل وفحوصات خوفا من إصابته بالفيروس، جاء الخبر بأنه دور برد شديد وليس كورونا، عندها الكل سجد لله شاكرا، ليس خوفا على الفتاة فقط ولكن خوفا على أنفسهم أيضا، عندها رددت في نفسى قوله سبحانه وتعالى " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه" سبحانه وتعالى فيروس جعل الكل يبعد عن أقرب الناس إليه، جعل الكل يخشى على نفسه من الإصابة أو الموت، يجعلك تقف مكتوفى الأيدى عن تقديم يد المساعدة لأقرب وأحب الناس إليك، عندها لا تجد وسيلة إلا الدعاء والتقرب إلى الله.

وفى الختام، إذا كانت الدنيا أجبرتنا عن البعد عن الله، لأسباب عدة الانشغال بأمور دنيوية منها جمع المال ، أو السعي لتقلد مناصب أو افتتاح مشروعات وخلافه، فالله سبحانه أرسل لك رساله وللعالم كله، يبرهن على قوته وعلى أنه إذا أراد شيء، فستقف كافة المخلوقات عاجزة أمام إرادته، فالتقرب إليه والاستغفار، والإكثار من الدعاء لزوال الكرب والغمة ، أفضل السبل للنجاة لبلدنا ولأنفسنا".