كلام رياضي جدا فيروس الأغنياء
الاثنين 30-03-2020
01:24 م
يحتاج الإنسان إلى وقفة مع النفس ووقفة أمام الله كل فترة، بعد أن يتلقى رسالة ربانية عندما يطغي ويعتقد أنه هو المتحكم في مصيره ومصير الأرض، وهذه الوقفة التي نعيشها الآن في ظل إنتشار فيروس كورونا إلى كل الدول على الكرة الأرضية تقريبا.
فالإنسان الذي ينسى نفسه كثيرا ويزهو بماله وأرضه وثرواته وقوته وطغيانه وجد نفسه فجأة تاركا كل شئ وجالسا بمفرده بين 4 حيطان بسبب ميكروب لا يتعدى الميليميكرون (أي واحد على مليون من الميليمتر) هزم كل قوة الإنسان ولكنه ذكره بوجود الله الذي يستطيع في لحظات أن يمحو كل شئ يفعله الإنسان بطغيانه.
والحقيقة أن الإنسان يعتقد كثيرا أنه أصبح بعلمه قادرا على فعل أي شيء، بينما علمتنا الطبيعة والقرآن أن ما وصلنا من علم فهو قليل جدا أمام علم الله تعالى كما جاء في الآية 85 من سورة الإسراء: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"
فالله منحنا العلم لننجو به من النار ولكن كل هذا العلم لا يأتي شيئا أمام علم الخالق، وأتذكر انني شاهدت حلقة للراحل الرائع د. مصطفى محمود في برنامجه الخالد "العلم والإيمان" ذكر فيها ان الإنسان توغل بعلمه كثيرا في الحياة وكلما إزداد علما ، إزداد طغيانا ولذلك عليه ان يعي دائما أنه إذا وصل إلى شئ، فهناك ملايين الأشياء التي لم ولن يعلمها ، وهذا ما نتأكد منه الآن عندما إكتشفنا هذا الكائن الذي يرى بصعوبة عن طريق الميكروسكوب الإلكتروني، ولكنه أوقف حياة البشر أجمعين وأقعدهم في منازلهم.
ولله في خلقه شئون لذلك إستوقفني التحديث الذي تجريه منظمة الصحة العالمية على موقعها عن إنتشار فيروس كورونا لنجد فيه أن دول العالم الأكثر علما وتقدما وإقتصادا وعلى رأسها أمريكا والصين وإيطاليا وأسبانيا هي الأكثر إصابة بالفيروس من الدول الفقيرة والنامية وهي حكمة أخرى نتعلمها من حكم الخالق. فعندما كنت أدرس الطب تعلمت أن أطفال الأسر الفقيرة هم أقل عرضة للأمراض من أطفال الأسر الغنية، وكان السبب الطبي هو تولد جهاز مناعي قوي لديهم نتيجة كثرة التعرض للظروف القاسية يحميهم من الأمراض، وقتها تمعنت في قدرة الخالق في حماية من لا يستطيع تحمل سعر العلاج، والآن أتمعن أكثر في قدرة الله سبحانه وتعالى على حماية البلاد الفقيرة من هجوم فيروس كورونا اللعين، بينما من يعاني هم الدول العملاقة التي تسيطر على العالم إقتصاديا وتدعي أنها الأكثر علما وقدرة على مقاومة الأخطار.. لحظات أكبر للتمعن في قدرة الخالق.
الله خلق الأرض ومنح الإنسان كل متع الحياة ليتذكره دائما ، ولكن الإنسان دائما ينسي (وهى كلمة مستنبطة من إسمه) قدرة خالقه لذلك فهو يحدث تلك الكوارث بالأرض لنظل قريبين منه ونسبح بحمده، وقد تكون تلك الكوراث مثل العواصف التي تجتاح منطقة الكاريبي في المحيط الأطلنطي أو طوفان يجتاح بلدا بأسره أو قد تكون حكمة الله في حرمان البشر من زيارة بيته في الكعبة التي بدت خاوية تماما من البشر. قد تكون حكمة الله في غلق مساجد كانت تجمع المسلمين وكانت تؤلف بين قلوبهم في صلاة الجمعة وإستيقظنا على يوم لنجد فيه المساجد موصدة.
ظننت أنك تملك الأرض وتملك المال وتتحكم في مصير الكون، وفجأة بإرادة الله وجدت نفسك ضعيفا لا تقوى على مقاومة كائن أصغر من المليميكرون ،،، فهل تتعظ أيها الإنسان وتعلم أن إرادة الله أقوى من كل البشر؟؟ أم تبقى على بغيك!!
adwar10@hotmail.com