المجد بين كارتيرون ورمضان صبحي ..وفيلبس
هرب كارتيرون وراء المادة مثلما فعل الكثير من المدربين واللاعبين قبله في عصر أصبحت المادة تسيطر على كل شئ في المنظومة وأصبحت لها الكلمة العليا لتحديد المصير والمستقبل، وسط أحداث لم يدرك أحد عواقبها إلا عندما طالت كل فئات اللعبة الشعبية من مدربين إلى لاعبين وإداريين.
عندما بدأت عملي الإعلامي في مجال الرياضة، كنت مغرما بقرأة قصص الأبطال في كل اللعبات للوصول إلى كيفية تحقيق هؤلاء لبطولاتهم وتسجيلهم للمجد في سيرتهم الذاتية، وكنت أركز على تعب هؤلاء الرياضيين والحياة الصعبة التي عاشوها من أجل تحقيق هذا المجد الذي إختاروه لحياتهم.
لفت إنتباهي ما فعله السباح الأسطوري مايكل فيلبس حتى يصبح الأكثر تتويجا في التاريخ بالميداليات الذهبية الأولمبية برصيد 23 ميدالية من المعدن النفيس، حيث كانت حياته شاقة بين التدريبات والجهد العنيف والحرمان من كل وسائل الترفيه التي يعيشها أقرانه حتى أقل الأشياء التي قد لا يشعر بها شاب في سنه ، حتى أن وسائل الإعلام التي سألته عن أمنياته بعد حصوله على 8 ذهبيات في دورة أولمبية واحدة في بكين 2008 ، فقال متواضعا أتمنى أن أنام على سريري في المنزل وأن أعانق أمي، هذه هي ضريبة المجد التي جعلت شابا كان حديث العالم يتمنى تلك الأمنيات البسيطة التي حرم منها في ظل إنشغاله الدائم بتسطير المجد.
وأتعجب من وسائل الإعلام التي أصبحت تجاري ما يفعله الرياضين الآن من اللهث وراء المادة على حساب تسطير المجد في سجلاتهم بدعوى أنه لم يعد هناك ما يسمى بالإنتماء، ليتحول فكر كل الشباب فقط إلى المادة.
الإنسان خلق منذ مولده على الإنتماء وأول إنتماء له هو أول وجه يراه وهو أمه ثم ينتقل معه الإنتماء على مدى حياته إلى أسرته ثم مدرسته وجامعته والحي الذي يعيش فيه ثم ينتقل الإنتماء معه ليصبح لوطنه، وفي كل مراحل الحياة لا يمكن تقدير هذا الإنتماء بالمادة، لأن الإنسان يتعلم أن حبه لأمه لا يعادله كنوز الدنيا وكذا الإنتماء للأسرة ومن بعدها الوطن الذي قد يضحي الشخص فيه بحياته من أجل رفعته دون أن ينظر لمقابل.
شاهدت قضية سعي رمضان صبحي وراء المادة على حساب كتابة التاريخ ليس شرطا أن يكون بالبقاء في الأهلي، بل قد يكون مثلما فعل صلاح في إنجلترا ليصبح من أفضل نجوم العالم وسفيرا فوق العادة لبلاده، ولكن للأسف تعامل معه الإعلام كقضية معتادة بين الأهلي والزمالك ، الأهلاوي يراه خائن لناديه والزملكاوي سعيد بأن ينكوي الأهلي وجماهيره بنار رحيله، ليكتب القدر قصة جديدة من الخيانة بعدها بأيام بطلها هذه المرة المدير الفني للزمالك كارتيرون الذي ترك المركب وهي وسط البحر قبل أيام من مواجهات ساخنة في دوري أبطال أفريقيا، ولينال الزمالك المتخبط بعد رحيله خسارة عجيبة من أسوان لتتعامل الجماهير بنفس المنطق من الجهتين.
المجد يسطره اللاعب والمدرب بإنجازاته وبطولاته وإحترامه لعمله وتقديسه على حساب أي شئ وليس بالحساب البنكي للاعب والرقم الذي وصل إليه، وإسألوا السباح العظيم فيلبس عن المجد الذي جعل وسيجعل الملايين تتحدث عنه لسنوات أكثر من أي مال وصل إليه الخونة من هواة بيع الإنتناء بالمال !!!!!
adwar10@hotmail.com