صبرى رزق يكتب "لقاح الحياة"

بعد شهور قلائل سوف يفارقنا وبلا رجعة ضيفا كان ثقيل الجلسة لزج الطلعة عمره عامين تقريبا انه الكوفيد19 فهو محتل وغازي للأراضي وللبلاد ولصدور العباد وبلا رحمة قاسي القلب، ولكنه بلا قلب فهو كتلة احماض أمينية لا وزن لها تقريبا فقد دخل علينا وبرز نجم مولده بدون استئذان فشاركنا عيشتنا وشق علينا حياتنا وحدد من اقامتنا وفرض علينا ضيافته، كما انه تفرغ لمحاربتنا فتفرغنا نحن له أيضا وتركنا عملنا وتجارتنا لصد غاراته فنجح في ان يبارز ما يزيد عن سبعة مليار نسمة حول العالم فانتصر هو لفترة وانتصرنا نحن لوهلة وبقيت الحرب بيننا، ولا يخفى عليك ان لكل حرب ضحاياها فقد اسر منا الملايين من محاربيه خلال غاراته على كوكبنا بين شهداء ومصابين، ومضت حربنا معه هكذا بتلك الكيفية إلى ان جاء أخيرا "لقاح الحياة" او سلاح البشرية الذي سوف يقلب ميزان الحرب على راس كوفيد19 , ولكنه بلا رأس أيضا فقد كتبت لكم انه كتلة من الاحماض الأمينية وارجو ان لا تؤاخذني فلا أجد ملامح او وصف أو هيئة محددة لهذا الكوفيد19 فهو بلا ملامح ولا وجه ولكنه سكن ملايين الوجوه فأفسد صدور اسراه، على كلا يسوغ لنا ان نبتهج ونفرح لان كوفيد19 سوف يدفن في القبور التي رقد فيها ضحاياه، فقريبا سوف يكون شاهد قبره بجوار كافة قبور الفيروسات التي انتصرت عليها البشرية، ولن تجد الورود على قبره فهو مبغوض من الجميع كما انه بلا جسد وبالتالي لن تجد مدفنا له، لا تؤاخذني مرة أخرى انه كتلة من الاحماض وبموته سوف تتحول إلى نفايات! سوف ينتهي كوفيد19 ولكن الدرس الأهم والاشمل هو ما الذي فعله بنا هذا الفيروس؟؟ هل غير من سلوكنا؟ هل أصبحنا أكثر انضباطا؟ هل خلت الحروب من الأرض؟ هل خلت الأرض من العصابات والقتل والاغتصابات والمجاعات والشر؟؟؟ ام اننا ننتظر مغادرة كوفيد19 ليعود الشرير إلى شره ويعود السارق إلى غنائمه والمرتشي إلى ماله الحرام!! وعلى سبيل المثال لا القياس نسأل أنفسنا هل انتهت الرشوة خلال حربنا على كوفيد19؟؟ لا اظن!! فلعلك يا من تمر عينيك على تلك السطور تكون قد دفعت واحدة منها في تلك الفترة بل لعل كوفيد19 كان شاهدا عليك او أنك قد ارتكبت خلال ضيافته جرما صغيرا او كبيرا فضيافة كوفيد19 قد امتدت لعاما ونصف العام فهل خلت الأرض فيها من الخطية والبغضة؟؟ لا أظن!!! لقد زار كوفيد19 واحتل رئات وصدور وقلوب الكثيرين فهل صارت تلك القلوب نظيفة بعد ان شفيت منه؟؟؟ اما انها عاودت طرقها القديمة المرصوفة بالبغضة والمزينة بالنميمة والممتلئة من الكلام الذي يغضب الله جل شانه، على كلا سوف لا نزور قبر كوفيد19 بل مع التاريخ قد لا تتذكره الأجيال القادمة أيضا، فهو لم يؤثر فينا للأفضل ولم يجعلنا أكثر ارتباطا أو أكثر رأفًا بالغير ولا سيما مع الضعفاء والفقراء بل صار العالم أكثر قسوة وغباء عن ذي قبل إلا من رحمه ربي، فبالإجمال وبالكلية اننا لم نستوعب الدرس بعد، وختامًا قد ألمني ما رواه لي بالأمس صديقا طيب القلب ورؤوف الروح جدا عندما قال لي: "انه نادما كونه طيب في هذا الزمن الرديء وتمنى ان يكون شريرا ليرد الصفعة لمخاصميه اللذين استغلوا سجيته الجميلة والطاهرة فاغتالوا نفستيه وظلموا قلبه الراقي" ولعل أحد هؤلاء الجبابرة اللذين صفعوه ممن قد شفاهم الله للتو من كوفيد19 ولكن بدون جدوى أو تغيير وهنا تشعر ان كوفيد19 احن علينا من قلوب بعض البشر، فاستفيقوا يرحمكم الله.