د. محمد السيد يكتب.. كورونا يُسقط الأقنعة
التعتيم عن نسبة كورونا يؤدى إلى انتشارعشوائى للوباء وحصد الأرواح، والإفصاح عنها أيضا يعنى الموت اقتصاديا، حيث الاعتماد على الاستيراد فى مواجهة شبح العزلة عن باقى الدول، وليس هناك اكتفاء ذاتى، بل إن توافر منه حفنةٌ فلن تصمد مع كورونا إلا قليلا، وحتى انتشاء الحكومة والفلاح بارتفاع تصدير الحاصلات الزراعية بسبب تعطيل أغلب الدول للعمالة حفاظا على شعوبها من مغبة كورونا، لن يدوم طويلا حتى يأتى الندم على الافراط فى كل حبة قمح لخارج جدران وطننا الحبيب، واظن أن الشعب يحتاج إلى ما ضحى بصحته لأجل أن يزرعه أكثر من احتياجه للمال.
وقد حكى لنا التاريخ، أن الناس فى مثل هذا تهجم على البيوت لنهب الطعام وتزهد فى النقود والذهب، وإن فيروسا مثل هذا عابراً للقارات والطبقات الإجتماعية بكل متدرجاتها وتصنيفاتها طبيعى أن يصدر ورقة نعي العولمة التى حولت العالم إلى قرية صغيرة وقلبت موازين الكون، ومع أنها مسارا تاريخيا لا يقاوم إلا أن كورونا أحدثت فيه فتقا غائرا لم يرتق بعد.
بيد أن ذلك حتى لم ينعكس على مجتمعنا، فمن عمق الواقع تبين أننا فى واد منعزل عن كوكب الأرض حيث ثقافة التلاصق التى لا تنفك وتكدُس أشد مما قبل كورونا، رغم أن الخروج بلا مبالاة او ضرورة يزيد عمر الفيروس ويطيل محبس البيوت، وبهذا تكون السيناريوهات القادمة قاسية للغاية.
وهنا يأتى سؤالا هل الأرقام المعلنة حقيقية؟! للأسف لا يوجد نظاما آليا بين المؤسسات الطبية للإحصاء بل إن وجد فثقافة بعض المصابين العزوف عن إفصاح حالاتهم لإنعدام الثقة والبعض أملا أن يكون ماعنده تشابه أعراض والاخرين ريبة فى التقاط العدوى من المشفى.الخ الخ. وبرهان ذلك أنظر حولك فما من عائلة أو منطقة إلا وتجد فيها اصابات، بل إنَّ حسابات الفيس وتويتر انقلبت إلى صفحات وفيات، ولا عجب إذاً أن يقل عدد الحالات المعلنة فقد تمخض عن عدد مسحات زهيدة! وبهذا فهل نحن على أعتاب مناعة القطيع أم أُطِيح بنا الى سُدَّتِها! رحمتك يارب!
إذاً لا مفر من خطر متكامل الأركان محدد المعالم يحدق بالجميع، فلابد من الاستعانة بالله ثم المواجهة علناً بقوة وبسرعة، إذ أن الوباء انتشر فى الدول المتقدمة كالنار فى الهشيم. فماذا عسانا أن نفعل.!
لا ريب أن الصين فى وقت قياسى نجحت بتفوق منقطع النظير فى إدارة الأزمة طبيا واقتصاديا بدقة عالية وترقب شديد، حيث تفوقت سياسة المنظومة الطبية المركزية التابعة للحكومة الصينية "النامية" على نظيرتها فى الغرب "المتقدمة"، بل ومن العجيب انقلاب السحر حيث تقوم هى بحملات إغاثة وتدريب للدول المتقدمة، وستسفر الأيام عن مفاجآت فارقة على الصعيد العالمى، وانتظرونا فى مشاهد متعاقبة، حيث الاعتراف بأن ما يحدث يتخلله لعبة قميئة بين الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا والصين وغيرها فيها مفسدة للإنسانية، ولن يغفل أويغفر التاريخ هذا، فهل هى حرب فيروسات يذهب فيها الضعيف سدى!
لكن الأهم فى ظل هذه الأجواء: هل أخذت بلادنا بأسباب القوة والتكنولوجيا لمثل هذا اليوم، أم كالعادة سنظل نلوذ بقوله تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض...الآية )، وأنى لنا ذلك الآن وفى بلدنا كورونا.!
بقلم الدكتور محمد السيد عبده، خبير الشئون الإسلامية وقضايا الشرق الاوسط لدى ASEAN والصين، مبعوث خارجى لدولة الصين سابقا.