تجار الأزمات.. والمسؤولية الاجتماعية!!
الاثنين 07-11-2022
05:12 م
في بلادنا كما هو الحال في معظم بلدان الدنيا هناك صناع وتجار للأزمات ، والهدف تحقيق أرباح طائلة في كل الظروف والمتغيرات علي حساب البسطاء ومحدوي الدخل.
ولا يعبأ هؤلاء بالأبعاد الاجتماعية والإنسانية والوطنية،ولا هم لهم سوي تخزين وتكديس السلع وإخفائها ،انتظارا لبيعها بأعلي الأسعار مستغلين سياسات العرض والطلب وآليات السوق الحر التي تستوجب المزيد من رقابة الدولة ومتابعة صارمة من مختلف الأجهزة المعنية لمن تسول له نفسه المتاجرة بقوت الشعب!.
أتصور أن التربح غير المشروع بالسلع الاستراتيجية في هذه الظروف الصعبة جريمة مكتملة الأركان تستوجب المحاسبة القانونية ، بأشد العقوبات الرادعة، وحرمان صاحبها من ممارسة أنشطته التجارية المختلفة ،لعل وعسي!.
وكما أن هناك حاجة مجتمعية لتغليظ عقوبة احتكار السلع واستغلال الأزمات المختلفة،هناك ايضا مسؤولية اجتماعية مشتركة بين جميع أفراد وفئات المواطنين بمساهمة فاعلة من كافة مؤسسات المجتمع المدني لمكافحة هذه الظاهرة الشاذة.
ويأتي هذا في سياق دعم ومساندة جهود الدولة المستمرة عبر إجراءاتها المختلفة ومعارضها لتوفير السلع والمنتجات بهوامش ربح مقبولة عبر مختلف المنافذ والمعارض ،مع تكثيف واستمرار حملات الرقابة التموينية لضبط الأسواق وضبط المخالفين.
وأتصور أن جهود الدولة وحدها لا تكفي في مواجهة هؤلاء لكن هناك أدوارا مهمة، يجب أن يقوم بها المواطنون بمقاطعة هؤلاء المستغلين والإبلاغ عنهم وترشيد استخدام هذه السلعة، وتغيير نمط الاستهلاك واللجوء إلى سلع بديلة كالمكرونة والخبز، وهو سلاح فعال يقلل من الطلب علي سلعة بعينها.
ومايزال في بلادنا ثلة من رجال الأعمال الوطنيين الشرفاء، وبإمكانهم المشاركة الفعالة لمحاربة هذه الظاهرة التي تنشأ عبر كل محاولة تتخذها الدولة لتصحيح المسار الاقتصادي.
ولعل النموذج الأبرز خلال الآونة الأخيرة هو محاولة إختلاق أزمة للأرز رغم أن مصر تنتج ما يكفيها من هذه السلعة المهمة التي لا تخلو منها المائدة المصرية ،بل وتصدر مصر الفائض لبعض الدول العربية والإفريقية.
وسبب الأزمة المفتعلة كما كشفت عنها الأجهزة المختصة،ورواها وزير التموين د. علي المصليحي عبر إحدى الفضائيات هو قيام بعض التجار ومحترفي احتكار السلع بتخزين كميات كبيرة من شعير الأرز البلدي في العام السابق، في مخازن غير مرخصة وغير مطابقة للمواصفات ،لكنها تفي بالغرض،فمحصول شعير الأرز من المحاصيل التي تتحمل كافة الظروف أثناء تخزينها، والهدف التربح وبيع المحصول بضعف ثمنه.
ونتيجة لهذه الأزمة والتي بدأت جذورها منذ ما يقرب من عام ، اضطرت وزارة التموين لاستيراد كميات كبيرة من الصين والهند لاستيفاء حاجة السوق المصري وتوفير الأمن الغذائي باعتباره سلعة أساسية ضمن المقررات التموينية، وتجنبا لمزيد من التأزيم ،رغم ما تتكلفه الدولة من عشرات الملايين من العملة الصعبة.
ويضيف هذا عمقا آخر لأبعاد الأزمة،فمن غير المقبول والمنطقي أن يسهم هؤلاء الخارجين عن القانون في إحداث خلل في سلعة أساسية اكتفت منها مصر ذاتيا ،وتخطو خطوات متواصلة لتطوير إنتاجية الأرز المصري بمراكز البحوث الزراعية التابعة لوزارة الزراعة لاستنباط سلالات وأصناف جديدة عالية الإنتاجية ومقاومة للظروف المناخية وندرة المياه.
إنها مسؤولية اجتماعية مشتركة يجب أن يشارك فيها الجميع،ويبقي دور الإعلام البنائي عبر مختلف منصاته وراوفده في التوعية والكشف عن كافة الحقائق ومدي تورط هؤلاء في الإضرار بمصالح المواطنين.
وأيضا عرض النماذج الإيجابية من التجار أصحاب المبادرات الفردية والجماعية للقضاء علي هذه التجارة القبيحة التي لا تعرف إلا النفعية الاستغلال والانتهازية المفرطة!.