الإعلام الإيجابي.. ضرورة عصرية وإنسانية !!
الثلاثاء 04-10-2022
12:25 م
في زمن الإعلام الرقمي الجديد أمسي الإعلام بصورته التقليدية وبكافة راوفده المسموعه والمرئية والمقروءة في منافسة شرسة وغير متكافئة مع منصات الإعلام البديل الصاعدة بقوة الصاروخ.
،وبدأ المتلقون المغلوبين علي أمرهم،وخاصة من فئات الشباب يعانون من التشويش والضبابية،وأحيانا تزييف الوعي من فيض الرسائل المتدفقة ،المتسارعة ليلا ونهارا،إلي الحد الذي أفقدهم القدره علي الانتقاء،والتمييز بين الغث المغرض والنافع المفيد،ومن ثم افتقاد القدرة علي تكوين رؤي واتجاهات إيجابية تجاه كافة القضايا الوطنية والمجتمعية وتجنب الآثار السلبية لهذا الحصار الممجوج.
ولعل من أسوء مفرزات إعلام العصر الرقمي تصدير القبح والإثارة والتركيز علي الأخبار السيئة والسلبية ،
رغم كثرة فوائده وسجاياه، لو أحسن القائمون علي صناعته تجويد رسالته وضبط إيقاعه ومراقبته وتنقيته من الدخلاء والمتاجرين والمغرضين والمرجفين.
كل الشواهد تؤكد أن هناك الألاف من دخلاء المهنة ومرتزقة يجيدون توظيف المشهد العبثي ،تحت ستار حرية الرأي والتعبير ، يتصدون لنشر الرسائل الموجهة،المدفوعة ثمنها مقدما للنيل من الإطار القيمي وبث سموم التضليل والتشكيك ونشر الشائعات والحض علي كراهية الوطن،وغرس روح السلبية والقنوط وتهيئة العقول والقلوب للإغتراب والخصام مع قضايا المجتمع ، وخلق تطلعات استهلاكية ،والهدم القيمي التدريجي، مع تراكم الرسائل السلبية الهدامة!.
لقد أصبح الإعلام الإيجابي.. ضرورة عصرية وإنسانية لبث روح الأمل والتفاؤل ،لتدراك ما يمكن إدراكه قبل فوات الأوان علي الشقين المعنوي والمادي، واتقاء شرور وأضرار رسائل الإجتزاء والتحريف والتضليل التي أضحت وأمست سمة أساسية من سمات الإعلام العصري الجامح!..
وأعتقد أن من أهم صور الإعلام البنائي الفعال، التركيز علي نشر الأخبار الإيجابية التي تسهم في رفع الروح المعنوية وصناعة الأمل في غدا أفضل ،وتكثيف المعالجة الخبرية والتحليلية لقضايا التنمية والتطوير والتحديث.
ولاشك أن إعلاء القيم والبعد الإنساني يضمن تصحيح المسار الإعلامي، من خلال إعداد وصياغة رسائل إعلامية قوية ومتعددة الأهداف،في مواجهة رسائل الإعلام البديل التي تعتمد علي الإثارة، والتربح والمتاجرة بآلام الناس ،واختراق حرمة الحياة الخاصة!.
وأتصور أن هناك روافد عديدة للإعلام الإيجابي ،من بينها مساندة مشروعات التنمية المستدامة، والتعريف بالمردود الإيجابي للمشروعات القومية العملاقة كالمدن الذكية، ومشروع الدلتا الجديدة وإعادة تنمية سيناء ومنطقة توشكى،وغيرها ،وأيضا المشروعات الضخمة لإنتاج الطاقة النظيفة في الغردقة بالبحر الأحمر وبنبان بأسوان ، والتي تعد من أضخم المشروعات علي مستوي العالم ،علاوة علي مشروعات تطوير الصعيد ،وغيرها.
هذا بالإضافة إلي تشجيع المواهب والمبدعين والمبتكرين والفائقين، ونشر الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة، التي تشتبك مع قضايا المجتمع،و متابعة كل ما هو جديد وعصري في عالم التكنولوجيا الحديثة.
وأيضا من صور الإعلام البنائي تقديم النماذج الإيجابية المبدعة وقصص كفاح، وهموم والكادحين، من الشباب وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
في تصوري أن منظومة الإعلام الإيجابي البنائي من أهم وسائل التحصين الفكري والوجداني تجاه السيل الجارف من الثقافات الورادة ،وتجنب سموم الحروب الإعلامية المغرضة ،والتي تدور رحاها في العديد من الدول ما ظهر منها وما بطن،والتي تستهدف تنفيذ أجندات خبيثة وإضعاف سلطة الدولة الوطنية، وتقويض المكتسبات والإنجازات.
واعتقد أن هذا المعنى هو ما دعت إليه مؤخرا الدكتورة حنان يوسف عميد كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية البحرية من خلال صالونها الثقافي مؤخرا عبر رسائل متنوعة بين الفينة والأخري حيث أكدت أن مصر الآن في حاجة إلي خطة عاجلة للنهوض بإعلامها من خلال حملة اعلامية وطنية منظمة ومكثفة داخليا وخارجيا تقدم بلد المحروسة التي نعرفها جميعا ،والتي قد يكون بها بالفعل بعض المشكلات، ولكنها مصر المليئة بالتحدي والقدرة علي الانجاز ، مصر العصية علي الانكسار بما فيها من هموم وأفراح في آن واحد!
و أضافت في رسائلها : لا يصح لمصر وللمصريين أن يتصدر تريندات البحث عن مصر كل هذا القبح والحزن والسواد والكره والبذاءة ..مصر الجميلة حضارة السبعة آلاف عام ، مصر الكيان الثري الذي لا يتكرر من التنوع ، مصر بخيراتها وثرواتها المدفونة في كل شبر من ارضها ،مصر
الآمنة كما ذكر القرآن الكريم، لا تستحق أبدا هذه الصورة البغيضة التي تقدم عنها ،والتي تطاردنا كل لحظة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
ومهما كان الاستياء والمعاناة التي قد يمر بها بعض أفراد المجتمع ، يبقي الوطن ،وعلينا جميعا أن نحميه ونحافظ عليه ، والإعلام سلاح حماية وتحصين وأمن قومي ويجب أن نفهم ذلك ونعمل عليه بوعي منهجي وتخطيط استراتيجي منظم ومكثف ومتنوع.
كما دعت د.حنان لتدشين مرصد عربي لمكافحة الشائعات ،وتطبيق مباديء الوعي والتربية الاعلامية لمواجهة خطر الشائعات واثارها السلبية علي المجتمع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
إن تدشين أفكار ورؤية عصرية جديدة حول أهمية الإعلام الإيجابي المستنير ليس أمرا مستحيلا أو صعب المنال ،فقط يتطلب إرادة صادقة من صناع القرار ،وتنفيذ توصيات المؤسسات الإعلامية الأكاديمية ،وتوصيات الأبحاث العلمية ،فقد آن لها الآوان أن تنتقل من الأرفف والأدراج لتقيم دعائم الأمل والتنمية في مصر الجديدة.